فقالت: «ليس لدينا خادمة.» ثم أردفت قائلة: «نحن نجد صعوبة في أن نبقي خادمة هنا؛ فمنزل فرنتشايز يقع في مكان ناء.»
وللحظة بدا أن الأمور ستصبح مريبة فسارع روبرت بتوضيحها. «هذه الفتاة - لا أعرف اسمها، بالمناسبة.» «إليزابيث كين، وهي مشهورة باسم بيتي كين.» «صحيح، حقا؛ أخبرتني بالفعل به. معذرة. هذه الفتاة - هل لنا أن نعرف أي تفاصيل عنها؟ أعتقد أن الشرطة أجرت تحريات عنها قبل أن تقبل الكثير من قصتها. لماذا تعيش مع وصيين وليس والدين، على سبيل المثال؟» «هي طفلة يتيمة فقدت والديها في الحرب. لقد أجليت إلى ضاحية إيلزبري وهي طفلة صغيرة. لم يكن لديها إخوة، فأسكنت مع أسرة وين، التي كانت قد وهبت طفلا يكبرها بأربع سنوات. بعد قرابة اثني عشر شهرا قتل الوالدان، على إثر الحرب، وأصبحت أسرة وين، التي أرادت دائما أن تكون لها ابنة وأغرمت بالطفلة كثيرا، سعيدة بضم الطفلة إليها. واعتبرتهما الطفلة والديها؛ نظرا إلى أنها لا تذكر أبويها الحقيقيين.» «مفهوم. وماذا عن سجلها الدراسي؟» «ممتاز. فهي فتاة هادئة تماما، بشهادة الجميع. جيدة في إنجاز الفروض المدرسية، لكن ذكاءها لم يكن مميزا. لم تتسبب في أي نوع من المشكلات، سواء في المدرسة أو خارجها. «صادقة بشدة» كانت الجملة التي استخدمتها المعلمة في وصفها.» «وعندما ظهرت في النهاية عند منزلها، بعد مدة غيابها، أكان هناك أي أثر للضرب الذي تعرضت له كما كانت قد أدلت في قصتها؟» «أجل. قطعا. فحصها طبيب أسرة وين في ساعة باكرة من صباح اليوم التالي، ويفيد تقريره بأنها تعرضت لضرب مبرح في أماكن متفرقة. وبالفعل، كانت لا تزال بعض الكدمات واضحة بعدها بمدة كبيرة عندما أدلت بأقوالها أمامنا.» «هل يوجد أي تاريخ مرضي عن إصابتها بصرع؟» «لا؛ لقد فكرنا في ذلك في بداية الاستجواب. وأود ذكر أن أسرة وين متزنة للغاية. أصابها حزن شديد، لكنهم لم يحاولوا تهويل الأمر، أو السماح للفتاة بأن تصير هي محور الاهتمام أو الشفقة. بل استقبلوا الأمر بطريقة تستحق الإعجاب بها.»
قالت ماريون شارب: «وكل ما تبقى هو أن أتلقى مصيري بهذه اللامبالاة المثيرة للإعجاب.» «لعلك تدركين موقفي، يا آنسة شارب. لم تكتف الفتاة بوصف المنزل الذي تقول إنها حبست فيه؛ بل وصفت ساكنتيه، ووصفتهما بدقة شديدة. «امرأة عجوز نحيفة لها شعر أبيض ناعم، لا ترتدي قبعة لكن ملابس سوداء؛ وسيدة شابة، نحيفة طويلة ومتجهمة كالغجريين، لا ترتدي قبعة وإنما وشاحا زاهيا من الحرير حول رقبتها.»» «هذا صحيح. ليس بإمكاني التفكير في أي تعليل لذلك، لكني أتفهم موقفك. وأظن الآن أنه من الأفضل إحضار الفتاة، لكن قبل أن نفعل ذلك أود قول ...»
انفتح الباب دون أن يصدر صوتا، فظهرت السيدة شارب عند عتبة الباب. وقد بدا الشعر الأبيض القصير حول وجهها غريب المظهر حيث وقفت أطرافه منتصبة؛ إذ إن الوسادة قد جعلتها تبدو هكذا، فأصبحت تشبه عرافة أكثر من أي وقت مضى.
دفعت الباب وراءها وتفحصت الحاضرين باهتمام ماكر.
قالت، وهي تصدر صوتا يشبه نقيق دجاجة من الحلق: «ها!» ثم أضافت قائلة: «ثلاثة رجال غرباء!»
قالت ماريون، بينما نهض الثلاثة واقفين: «اسمحي لي أن أقدمهم إليك يا أمي.» «هذا السيد بلير، من مكتب بلير وهيوارد وبينيت - ذلك المكتب الواقع في المنزل الجميل في بداية هاي ستريت.»
بينما كان روبرت ينحني احتراما، حدقت السيدة العجوز فيه بعينيها اللتين تشبهان عيني النورس.
وقالت: «يحتاج إلى تغيير بلاطه.»
كانت الملاحظة صحيحة، لكن ذلك لم يكن الترحيب الذي كان قد توقعه.
Halaman tidak diketahui