في حق غيره، وقد علل ذلك بأنواع من العلل، منها: (تعذر) (١) ذلك في قبره، ومنها: أن في (٢) إطلاق هذا اللفظ عليه إجمالًا يتناول الزيارة البدعية، زيارة أهل الشرك، الذين يزورون القبور للسجود لها، ودعاء أهلها، واتخاذها أوثانًا من دون الله، واتخاذها مساجد، وما هو أعظم من اتخاذها مساجد.
وكثير من الناس لا يقصد بزيارة قبور الأنبياء والصالحين إلا مقاصد أهل الشرك، الذين (٣) يجعلونهم أوثانًا، وأندادًا لله، وهم شر من الذين اتخذوها مساجد، فإن أولئك يقصدون /٢٤أ/ أن يصلوا فيها لله، ويدعون الله، وهؤلاء إنما يقصدون دعاءهم، والحج إليهم، فيجعلون صلاتهم، ونسكهم، للمخلوق، لا للخالق. يقصد أحدهم في زيارة قبر من يعظمه ما يقصده الحاج في الحج إلى بيت الله، وما يقصده المصلي الذي يقصد مساجد الله، فالحاج والمصلي مسلم حنيف متبع لملة إبراهيم، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ • قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ • لَا شَرِيكَ لَهُ﴾ [الأنعام: ١٦١-١٦٣] .
فالمسلم صلاته ونسكه لله، والمشرك يصلي لغير الله، وينسك لغير الله، ويدعو المخلوق، ويستغيث به، ويتضرع إليه، كما يفعل بالخالق، ويحج إلى قبره، كما يحج إلى بيت الخالق، ويسمون ذلك نسكًا، ويصنفون كتبًا يسمونها: مناسك حج المشاهد، كما صنّف محمد بن
_________
(١) غيرت في المطبوع إلى: (بعدم ورود)، بسبب خطأ في قراءة الكلمة.
(٢) في المطبوع: (يتوقى في) . و(يتوقى) قد ضرب عليها ناسخ الأصل، وأظن أن الناسخ قصد الضرب عليها وعلى (في) أيضًا؛ فالعبارة مرتبكة بإثباتها، والأولى حذفها. والله أعلم.
(٣) في الأصل: (الذي)، والتصويب من المحقق.
1 / 68