لا يحصل بدون ذلك من غير مفسدة فيه، كالصلاة على جنازته، وأما هو ﷺ فلا يحصل له بزيارتنا فائدة، بل ولا تمكن زيارة قبره، فإنه دُفن في بيته، وحجب قبره عن الناس، وحيل بين الزائر وبين قبره، فلا يستطيع أحد أن يزور قبره كما تُزار سائر القبور، وإنما يمكن الوصول إلى مسجده، ومسجده مبني قبل القبر، والعبادة فيه عبادة لله في بيته، ليس ذلك زيارة للقبر.
ولهذا لم ينقل عن أحدٍ من السلف أنه تكلم بزيارة قبره فإن ذلك غير ممكن، ولهذا كرهها من كرهها؛ لأن مسماها باطل، وإنما الممكن الصلاة والسلام عليه في مسجده، وذلك مشروع في جميع البقاع، ليس هو من زيارة القبور، فأما إذا صلينا عليه، وسلمنا عليه في مسجده وغيره من المساجد، لم نكن (١) زرنا قبره. (٢)
ولكن كثير من المتأخرين صاروا يسمون الدخول إلى مسجده مع السلام عليه عند الحجرة: زيارة لقبره، وهذه تسمية (٣) مبتدعة في الإسلام، ومخالفة للشرع، والعقل، واللغة، لكن قد شاعت، وصارت اصطلاحًا لكثير من العلماء، وصار منهم من يقول: زيارة قبره مستحبة بالإجماع، والزيارة /٢٣أ/ المستحبة بالإجماع هي الوصول إلى مسجده، والصلاة والسلام عليه فيه، وسؤال الوسيلة (له) (٤) ونحو ذلك، فهذا مشروع بالإجماع في مسجده، فهذه هي الزيارة لقبره المشروعة بالإجماع، فالمعنى المجمع عليه حق، ولكن تسمية ذلك زيارة لقبره هو محل النزاع.
وكذلك تنازعوا: هل يستقبل الحجرة أو يستقبل القبلة؟ كما (قد) (٥) ذكر في موضعه. فإنا مأمورون بالصلاة والسلام عليه وسؤال الوسيلة له في كل مكان، وذلك يحصل به أعظم من مقصود الزيار لقبره، لو كانت ممكنة، مع أنها مظنة اتخاذ قبره مسجدًا، وعيدًا، ولما كانت مظنة اتخاذ قبره عيدًا
_________
(١) في الأصل: (يكن)، والتصوبب من المحقق.
(٢) (هناك كلمة في هامش الأصل لم تظهر كاملة في المصورة.
(٣) تغيرت في المطبوع إلى: (التسمية) .
(٤) سقطت من المطبوع.
(٥) سقطت من المطبوع.
1 / 66