يقصد زيارة هذه الأمكنة، ولا الصلاة فيها، والدُّعاء، وإذا لم يكونوا يفعلون هذا بالبقاع التي حلّ بها أفضل الخلق؛ فهم لغيرها أترك، فلم يكن أحد منهم يقصد شيئًا من البقاع لا بالشام ولا بغير الشام، إلا المساجد التي للصلاة، لا يقصدون بقعة لكونه نزل بها إبراهيم، أو موسى، أو عيسى، لا بالبيت المقدس، ولا غيره، بل كانوا يسافرون لإتيان البيت المقدس.
ولما فتحه المسلمون وكان على الصخرة زبالة عظيمة جدًا كانت النصارى تهينها بغضًا لليهود، فطهّرها عمر بن الخطاب، وقال /١٥ب/ لكعب الأحبار: أين ترى أن أبني مصلّى المسلمين؟ قال: خلف الصخرة. قال: يا ابن اليهودية خالطتك يهودية، بل أبنيه في صدر المسجد، فإن لنا صدور المساجد. فبنى مصلّى المسلمين في قبلي المسجد - وهو الذي يسميه بعض الناس: الأقصى، والمسجد الأقصى يتناول المسجد كله - ولم يبنه خلف الصخرة؛ لئلا يتشبه المسلمون بمن يصلّي إلى الصخرة، مع أنها كانت قبلة منسوخة.
وإبراهيم ﵇ لمّا بنى البيت، ودعا الناس إلى الحج، فأمر الله تعالى أن نجيب دعوة إبراهيم، ونفعل كما فعل، فنعبده في الأماكن التي قصد العبادة فيها، ولهذا قال غيرُ واحدٍ من السلف: مقام إبراهيم هو: المشاعر: عرفة، ومزدلفة، ومنى، وإن كان المقام الخاص أخصّ من غيره، ولهذا صلّى النبيُّ ﷺ ركعتي الطواف عنده، ثم إذا كانت سنة النبيِّ ﷺ، وخلفائه، وأصحابه، وما عليه علماء أمته: أنه لا يسنّ استلام مقام
1 / 50