167

Qabas Fi Sharh Muwatta

القبس في شرح موطأ مالك بن أنس

Penyiasat

الدكتور محمد عبد الله ولد كريم

Penerbit

دار الغرب الإسلامي

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٩٩٢ م

Genre-genre

مشروع، وأنه لا ترتيب في غسل الجنابة، فإن قيل فقد وصفت الصحابة غسل النبيِّ، ﷺ، من الجنابة تارة من فعله لمن رآه، وتارة من قوله لمن أفتاه، فذكروه مرتبًا بتقديم الوضوء عليه وصبّ الماء على الرأس وإفاضته على الجسم فليكن ذلك بيانًا للترتيب. الجواب: وهو (١) فائدة بديعة في أصول الفقه وذلك أن النبيَّ، ﷺ، متى فعل فعلًا بيَّن فيه مجملًا كان بيانه واجبًا، ومتى كان فعله تتميما لحكم معلوم وتفصيلًا لأمر مشروع كان فعله محمولًا على الفضل كقوله. ﴿وَأَقِيمُوا آلصَّلاَةَ﴾ (٢). لما كان هذا قولًا مجملًا أو عامًا فبيّنه النبيُّ، ﷺ، بفعله أو خصصه فوقع ذلك الفصل بيانًا لمشكل فوجب امتثاله. أما قوله: ﴿أطَهَّرُوا﴾ أو ﴿حتى تغتسلوا﴾ فهو أمر بيِّن في ذاته، واضح في نفسه، فما وقع من الزيادة (عليه فهو (٣) بذلك) أجر وفضل يبين ذلك ويوضحه أن النبيَّ، ﷺ، لما أفتى في غسل الجنابة من سأله عن بعض محتملاته فقال: "إِنَّما يَكْفِيك أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِك ثَلَاثَ حَثْيَاتٍ مِنْ مَاءٍ ثُمَّ تَضْغُثِيهِ (٤) بِيَدَيْك ثُمَّ تُفِيضِي الْمَاءَ على سَائرِ جَسَدِك فَإِذَا أَنْتَ قَدْ طَهُرْت" (٥)، ولم يذكر الوضوء فدل على أنه أجر وفضل وليس بواجب ولا فرض. وأما ذكر الله ﷿ لأعضاء الوضوء معدودة معقبة فإنه أصل عظيم، وقد قال الجويني (٦): إن النقلة لوضوء رسول الله ﷺ لم ينقل قط أحدٌ منهم أنه نكس وضوءه (٧)، فاطرد القرآن

(١) في "م" وهي. (٢) سورة البقرة، آيه ٤٣ و١١٠. (٣) ليست في بقية النسخ. (٤) قال ابن الأثير: الضغث: معالجة شعر الرأس عند الغسل ليدخل فيه الغسول والماء. النهاية: ٣/ ٩٠. (٥) مسلم في كتاب الحيض باب حكم ضفائر المغتسلة. ١/ ٢٥٩ عن أم سلمة قالت: يَا رَسُولَ الله إِنِّي أمرأَةٌ أَشدُّ ضفْرَ رَأْسِي فَأَنْقضه لِغَسْلِ الجَنَابَةِ؟ قَالَ: لَا إِنَّمَا يَكْفِيكِ ان تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثِلاثِ حَثْيَاتٍ. رواه أبو داود ١/ ١٧٤، والترمذي ١/ ١٧٥، والنسائي ١/ ١٣١، وابن ماجه ١/ ١٩٨، وأحمد. انظر الفتح الرباني ٢/ ١٣٥، والدارقطني ١/ ١١٤، وعبد الرزاق ١/ ٢٧٢، وأبو عوانة في مسنده ١/ ٣١٥، والبيهقي في السنن ١/ ١٨١، وابن خزيمة ١/ ١٢٢، والنسائي في الكبرى ١/ ١٥١، وشرح السنة للبغوي ٢/ ١٧. (٦) هو إمام الحرمين وقد تقدمت ترجمته. (٧) وقوله هذا نقله النووي في المجموع ١/ ٤٤٧.

1 / 173