134

Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah

تقريب فتاوى ابن تيمية

Penerbit

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٤١ هـ

Lokasi Penerbit

السعودية

Genre-genre

بِهِ وَبِطَاعَتِهِ عَن أَحَدٍ مِن الْخَلْقِ فِي حَالٍ مِن الْأَحْوَالِ بَعْدَ قِيَامِ الْحجَّةِ عَلَيْهِ، وَلَا بِعُذْر مِن الْأَعْذَارِ. وَلَا طَرِيقَ إلَى كَرَامَةِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ وَالنَّجَاةِ هِن هَوَانِهِ وَعَذَابِهِ إلَّا التَوَسُّلُ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَبِطَاعَتِهِ. وَهُوَ ﷺ شَفِيعُ الْخَلَائِقِ، صَاحِبُ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ الَّذِي يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ والآخرون، فَهُوَ أَعْظَمُ الشُّفَعَاءِ قَدْرًا، وَأَعْلَاهُم جَاها عِنْدَ اللهِ. لَكِنْ شَفَاعَتُهُ وَدُعَاؤُهُ إنَّمَا يَنْتَفِعُ بِهِ مَن شَفَعَ لَهُ الرَّسُولُ وَدَعَا لَهُ، فَمَن دَعَا لَهُ الرَّسُولُ وَشَفَعَ لَهُ: تَوَسَّلَ إلَى اللهِ بِشَفَاعَتِهِ وَدُعَائِهِ، كَمَا كَانَ أَصْحَابُهُ يَتَوَسَّلونَ إلَى اللهِ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ، وَكَمَا يَتَوَسَّلُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَى اللهِ ﵎ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا. وَلَفْظُ التَّوَسُّلِ فِي عُرْفِ الصَّحَابَةِ كَانُوا يَسْتَعْلِمُونَهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى. وَالتَّوَسُّلُ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ يَنْفَغ مَعَ الْإِيمَانِ بِهِ، وَأَمَّا بِدُونِ الْإِيمَانِ بِهِ فَالْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ لَا تُغْنِي عَنْهُم شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ فِي الْآخِرَةِ. وَلهَذَا نهِيَ عَن الِاسْتِغْفَارِ لِعَمِّهِ وَأَبِيهِ وَغَيْرِهِمَا مِن الْكُفَّارِ، وَنهِيَ عَن الِاسْتِغْفَارِ لِلْمُنَافِقِينَ. وَلَكِنَّ الْكُفَارَ يَتَفَاضَلُونَ فِي الْكُفْرِ، كَمَا يَتَفَاضَلُ أَهْلُ الْإِيمَانِ فِي الْإِيمَانِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ﴾ [التوبة: ٣٧]. فَإِذَا كَانَ فِي الْكُفَّارِ مَن خَفَّ كُفْرُهُ بِسَبَبِ نُصْرَتِهِ وَمَعُونَتِهِ فَماِنَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتُهُ فِي تَخْفِيفِ الْعَذَابِ عَنْهُ، لَا فِي إسْقَاطِ الْعَذَابِ بِالْكلِّيَّةِ (^١). وَثَبَتَ فِي "صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ" (^٢) عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَن النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "يَلْقَى إبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ، فَيَقُولُ لَهُ

(^١) كَمَا فِي شفاعته ﷺ لعمِّه أبي طالب. (^٢) (٣٣٥٠).

1 / 140