94

التحصين من كيد الشياطين

التحصين من كيد الشياطين

Genre-genre

لا يجوز، فإنه ممنوع (١) . وعلى هذا التفصيل يُحمَل قول أهل العلم (٢) الذين أجاز بعضهم النُّشرة - وعلل جوازها بحصول النفع، وكونها بالعربية - ومنهم الأئمة: سعيد بن المسيَّب، والمُزَنِيُّ، والشَّعبي، والطبري، وكذلك يفسّر بهذا التفصيل قولُ من منعها منهم كالحسن البصري، وابن تيمية وابن القيم عليهم رحمة الله جميعًا. ومن أدلة جواز النشرة (بالمعنى الذي سلف): قول النبي ﷺ، حين سألته السيدة عائشة ﵂: أفلا؟ - أي تنشَّرْتَ - فقال ﵊: أَمَّا اللهُ فَقَدْ شَفَانِي اللهُ، وَأَكْرَهُ أَنْ أُثيرَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ شَرًّا (٣) . وكان ذلك حين أبطل النبي ﷺ سحرًا، جُعِل في بئر ذروان، - (أو: ذي أروان) - أبطله بالمعوذتين ثم أَمَرَ بالبئر فدُفنَتْ. وكان الذي صنع ذلك السحر رجل من بني زُريقٍ منافق حليف ليهود، يدعى لَبيد بن الأعصم. ووجه الاستدلال في ذلك: أن النبي ﷺ لم ينكر على السيدة عائشة سؤالها، ثم إنه ﷺ لم يذكر حرمة النشرة، مع أن الموضع موضع بيان الحكم، مع شدة الحاجة إليه، فعُلم بذلك مشروعيتها. والله أعلم. وقد سأل قتادةُ سعيدَ بن المسيَّب قائلًا: رجل به طبٌّ أو: يؤخذ عن امرأته، أَيُحلّ عنه أو ينشَّر؟ قال: لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع الناس فلم يُنْهَ عنه. اهـ (٤) .

(١) انظر: أضواء البيان، للإمام الشنقيطي ﵀ (٤/٥٠٥) . (٢) ممن ذهب إلى هذا التفصيل الإمام ابن القيم ﵀، انظر: إعلام الموقعين: (٤/٣٩٦) . (٣) جزء من رواية مطولّة، سبق ذكرها بتمامها وتخريجها ص٥٣ بالهامش ذي الرقم (١) . (٤) قول ابن المسيّب - عند البخاري -، وهو في الرواية المخرّجة أيضًا ص٥٣ بالهامش ذي الرقم (١) .

1 / 96