فتبين بذلك أن رواية يحيى بن إسحاق عن عبد العزيز بن مسلم موافقة لرواية الجماعة عن عبد الله بن دينار، وأما رواية يونس بن محمد البغدادي عن عبد العزيز بن مسلم والتي فيها رفع الحديث إلى النبي ﷺ، فهي رواية شاذة. ولعل الخطأ فيها من عبد العزيز بن مسلم؛ لأنه ذكر عنه الوهم كما سبق. والله أعلم.
وأما قول ابن القطان: "عندي أن الذي أسنده خير ممن وقفه"١. فهذا القول منه يصح بالنظر إلى أن يونس بن محمد أوثق من يحيى بن إسحاق. ولكن قد سبق أن رواية يحيى بن إسحاق قد اعتضدت بالطرق الأخرى التي رواها الثقات عن عبد الله بن دينار، والتي فيها وقف الحديث على عمر ﵁، فبذلك تترجح رواية يحيى بن إسحاق بمتابعاتها، فتكون هي المحفوظة. والله أعلم.
ولذا قال البيهقي: "هكذا رواه الجماعة عن عبد الله بن دينار - يعني موقوفًا - وغلط فيه بعض الرواة عن عبد الله بن دينار، فرفعه إلى النبي ﷺ، وهو وهم لا يحل ذكره"٢.
وممن حكم أيضًا بأن الموقوف هو المحفوظ الدارقطني٣، وعبد الحق٤.
فمما سبق يتبين أن المحفوظ في هذا الحديث هو الوقف على عمر ﵁، وأما رفعه إلى النبي ﷺ فشاذ. وقد ذكر سعيد بن منصور في سننه٥ طرقًا أخرى موقوفة على عمر ﵁. والله أعلم.
١ نصب الراية (٣/١٨٩) .
٢ السنن الكبرى (١٠/٣٤٣) .
٣ علل الدارقطني (٢/٤٢) .
٤ الأحكام الوسطى (٤/٢٢)، التلخيص الحبير (٤/٢١٧) .
٥ سنن سعيد بن منصور (٢/٨٧-٨٩) .