ثم قدمت باكستان سفيرا، فتحدث الناس عني وعن ترجمتي شعر إقبال، وأحاطني وحي إقبال في بلاده، فمضيت في ترجمة جاويد نامه. ثم بدا لي أن هذه القصة المنظومة الطويلة ليست أولى دواوين إقبال بأن تعرف به قراء العربية. وبدا لي أن أبدأ بديوانه پيام مشرق؛ لأن به ألوانا من الرباعيات والقصائد والقطع في موضوعات شتى وأساليب مختلفة، وكأنما كان هذا وحيا، فأخذت أترجم الرباعيات، وهي القسم الأول من الديوان، فتيسر لي النظم، فأقبلت عليه فازداد يسرا، فانشرح صدري وأسرع قلمي فيه، وصارت الترجمة سرورا وأنسا لا يصد عنها شغل ولا تعب. وضعت الكتاب في حجرة النوم في متناول اليد من مرقدي، فكنت أترجم قبل النوم وحين أستيقظ صبحا، وقل أن يمضي يوم دون ترجمة، وكنت إذا انصرفت إلى عمل آخر علق بنفسي البيت والبيتان من شعر إقبال، فلا أستريح حتى أترجم ما علق بنفسي، وكنت أحيانا يدركني التعب فأصرف نفسي عن الترجمة فلا تنصرف، فأحتال حتى أصرفها عنها لأستريح.
ولما فرغت من الرباعيات، وكنت أحسبها أيسر من غيرها، نظرت في القسم الثاني وهو الافتكار، فاطردت الترجمة وأسلست أكثر مما أسلست في الرباعيات. كنت آخذ البيت الأول من القصيدة فأقلبه على أوزان وقواف حتى يستقيم لي وزن وقافية، فكأنما وجدت سلكا لنظم در لا يكلفني نظمه إلا أن أسلك واحدة بعد أخرى. والحمد لله الملهم.
وكنت بين الحين والحين أترك پيام مشرق إلى منظومتي اللمعات فأنظم فيها حرصا على أن أنشرها مع الديوان، فما ختمت پيام مشرق حتى بلغت فيها حدا يمهد لختمها. وكان هذا توفيقا آخر.
وهكذا مضيت في الكتاب مهتديا بالحديث الكريم «وكان أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل.» حتى فرغت منه في أواخر شهر آذار بعد ثلاثة أشهر من بدأ الترجمة.
كتب إقبال
لإقبال تسعة دواوين وكتب أخرى - انظرها مرتبة على تواريخها.
الشعر
أسرار خودي
بالفارسية
نشر سنة 1915م
Halaman tidak diketahui