Pauses with the Prophetic Teachings ﷺ for His Companions
وقفات مع أحاديث تربية النبي ﷺ لصحابته
Penerbit
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Nombor Edisi
السنة السادسة والثلاثون العدد (١١٢) ١٤٢٤هـ
Genre-genre
الله، فضعها يَا رَسُول الله حَيْثُ أَرَاك الله. قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله ﷺ: «بخ ذَلِك مَال رابح ذَلِك مَال رابح، وَقد سَمِعت مَا قلت. وَإِنِّي أرى أَن تجعلها فِي الْأَقْرَبين» فَقَالَ أَبُو طَلْحَة: أفعل يارسول الله فَقَسمهَا أَبُو طَلْحَة فِي أَقَاربه وَبني عَمه. (١) إِنَّهَا صُورَة رائعة للاستجابة والمبادرة إِلَى الْخَيْر والحرص على الْبر والزهد فِيمَا تحب النَّفس ابْتِغَاء لِلْأجرِ وطلبًا للذخر عِنْد الله تَعَالَى.
وموقف آخر استجابة لهَذِهِ الْآيَة ﴿لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون﴾ لعمر ابْن الْخطاب ﵁، وَكَانَ من السَّابِقين للخير؛ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَن عمر قَالَ: يارسول الله، لم أُصِبْ مَالا قطُّ هُوَ أنفسُ عِنْدِي من سهْمِي الَّذِي بِخَيْبَر، فَمَا تَأْمُرنِي بِهِ؟ قَالَ: "حَبّس الأَصْل وسَبَّل الثَّمَرَة"، فَتَصَدَّقَ بهَا عُمَرُ أَن لايُباع وَلَا يُوهب وَلَا يُورث، وَتَصَدَّقَ بهَا فِي الْفُقَرَاء وَفِي الْقُرْبَى وَفِي الرّقاب وَفِي سَبِيل الله» (٢) انْظُر كَيفَ يتحرون نفائس مَالهم وينفقون مَا تحبه نُفُوسهم ﵃. واسمع إِلَى ابْن عمر ﵄ يَقُول: حضرتني هَذِه الْآيَة ﴿لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون﴾ فَذكرت ماأعطاني الله فَلم أجد شَيْئا أحبّ إليّ من جَارِيَة لي رُومِية فَقلت: هِيَ حرَّة لوجه الله فَلَو أَنِّي أَعُود فِي شَيْء جعلته لله لنكحتها» (٣) فعجبًا لهَذِهِ النُّفُوس الَّتِي ربَّاها الْقُرْآن وَجعلهَا تُؤثر الْآخِرَة الْبَاقِيَة على الدُّنْيَا الفانية.
_________
(١) أخرجه البُخَارِيّ ك: الزَّكَاة ب: الزَّكَاة على الْأَقَارِب (٣/٣٢٥) .
(٢) صَحِيح البُخَارِيّ ك: الشُّرُوط ب: الشُّرُوط فِي الْوَقْف (٥/٣٥٤) وَمُسلم ك: الْوَصِيَّة ب: فِي الْوَقْف (٣/١٢٥٥) .
(٣) أخرجه الْبَزَّار فِي مُسْنده. انْظُر كشف الأستار ك: التَّفْسِير. سُورَة آل عمرَان (٣/٤٢) وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك (٣/٥٦١) كِلَاهُمَا من طَرِيق أبي عَمْرو بن حماس عَن حَمْزَة بن عبد الله بن عمر عَن ابيه ﵁ وابو عَمْرو بن حماس ذكره ابْن ابي حَاتِم فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل (٩/٤١٠) وَلم يذكر فِيهِ جرحا وَلَا تعديلًا وَقَالَ عَنهُ ابْن حجر فِي التَّقْرِيب (ص٦٦٠): مَقْبُول. لَكِن للْحَدِيث طَرِيق آخر أخرجه ابْن سعد فِي الطَّبَقَات (٤/١٦٧) مُخْتَصرا من طَرِيق نَافِع عَن ابْن عمر. فيتقوى بِهِ. وَفِي رِوَايَة لِابْنِ سعد ان ابْن عمر زَوجهَا مولى لَهُ فَولدت غُلَاما قَالَ نَافِع: فَلَقَد رَأَيْت عبدا لله بن عمر يَأْخُذ ذَلِك الصَّبِي فيقبله ثمَّ يَقُول: واهًا لريح فُلَانُهُ. يَعْنِي الْجَارِيَة الَّتِي أعتق.
1 / 146