ولو كانت الأرزاق تجري على الحجا ... هَلكنَ إذًا من جهلهنَّ البهائم
جزى الله كفًا ملؤها من سعادةٍ ... سعت في هلاكِ المال والمال تائم
فلم يجتمع شرقٌ وغرب لقاصدٍ ... ولا المجد في كفّ امرئٍ والدراهم
ولم أر كالمعروف تُدعى حقوقه ... مغارم في الأقوام وهي مغانم
ولا كالعلى مالم يُرَ الشعر بينها ... فكالأرضِ غفلًا ليس فيها معالم
وما هو إلا القول يسري فيغتدي ... له غررٌ في اوجهٍ ومواسم
يرى حكمةً ما فيه وهو فكاهةٌ ... ويقضي بما يقضي به وهو ظالم
إلى أحمدَ المحمود أمّت بنا السرى ... نواعب في عرض الفلا ورواسم
جوائفُ يظلمنَ إذا عدا ... وسيجَ أبيه وهو للبرق شائم
نجائب قد كانت نعائم مرة ... من المر أو أُماتهن نعائم
إلى سالم الأخلاق من كل غائب ... وليس له مالٌ على الجود سالم
جديرٌ بأن لا يصبح المال عنده ... جديرًا بأن يبقى وفي الأرض غارم
وليس ببانٍ للعلى خُلُق امرئٍ ... وأن جلَّ إلا وهو للمال هادم
له من إيادٍ قمةُ المجدِ حيث ما ... سمت ولها منه البنا والدعائم
أناسٌ إذا راحوا إلي الروح لم ترح ... مسَّلمةً أسيافهم والقوائم
بنو كلَّ مشبوح الذراع إذا القنا ... ثنت أذرع الأبطال وهي معاصم
إذا سيفهُ أضحى على الهام حاكمًا ... غدا العفو منهُ وهو في السيف حاكم
أخذتَ بأعضاد العُريب وقد خوت ... عيونٌ كليلاتٌ وذلّت جماجم
فأضحوا لو استطاعوا لفرطِ محبةٍ ... لقد عُلِّقت خوفًا عليك التمائم
ولو علم الشيخان أُدٌ ويعربٌ ... لَسُرَّت إذًا تلك العظام الرمائم
تلاقى بك الحيان في كل محفلٍ ... جليل وعاشت في ذراك العماعم
فما بال وجهِ الشعر أسودَ قاتمًا ... وانفُ العلى من عُطلة الشعر راغم
تداركه أن المكرمات أصابعٌ ... وإنّ حُلى الأشعار فيها خواتم
إذا انت لم تحفظهُ لم يكُ بدعةً ... ولا عجبًا إن ضيعته الأعاجم
فقد هزَّ عطفيهِ القريضُ توقعًا ... لعدلك مُذ صارت إليك المظالم
ولولا خِلال سنّها الشعرُ ماردي ... بغاةُ العلى من أين تُؤتى المكارم
وقال يمدح محمد بن الحسن الضبي
ما اليوم أول توديعي ولا الثاني ... البينُ أكثر من شوقي واحزاني
دعِ الفراق فأنّ الدهر ساعده ... فصار أملك من روحي بجثماني
خليفةُ الخضر من يربع على وطنٍ ... في بلدةٍ فظهور العيس أوطاني
بالشام اهلي وبغدادُ الهوى وأنا ... بالرّقتّين وبالفُسطاط إخواني
وما أظنُّ النوى ترضى بما صنعت ... حتى تشافه بي أقصى خراسان
خلَّفت بالأفق الغربيَّ لي سكنًا ... قد كانَ عيشي به حُلوًا بحلوان
غصنٌ من البان مهتزٌ على قمرٍ ... يهتزُّ مثل اهتزاز الغصن في البان
أفنيت من بعده فيض الدموع كما ... أفنيت في هجره صبري وسلواني
وليسَ يعرف طيب الوصل صاحبُهُ ... حتى يصاب بنأيٍ أو بهجران
إساءةَ الحادثات استبطني نفقًا ... فقد أظبَّكِ إحسانُ ابنِ حَسَّان
أمسكتُ منه بود شدَّ لي عُقدًا ... كأنما الدهر في كفي بها عان
إذا نوى الدهر أن يودي بتالِدهِ ... لم يستعن غير كفّيه بأعوان
لو أنَّ اجماعنا في وصف سؤدده ... في الدّين لم يختلف في الأمة إثنان
وقال يمدح أمير المؤمنين الواثق بالله
بأبي المنازِلُ إنَّها لشجونُ ... وعلى العجومة إنها لتبينُ
فاعقل بنضو الدار نضوك يَقتَسِم ... فرطَ الصبابة مسعدٌ وحزينُ
لا تمنعنّي وقفةً أشفي بها ... داء الفراق فإنها ماعون
واسق الأثافي من شؤونك ريَّها ... إن الضنين بدمعه لَضنين
والنؤي أهميدَ شطره فكأنه ... تحت الحوادث صاحبٌ مقرون
حزنٌ غداة الحزنِ هاج غليله ... في أبرق الحنان منك حنين
سمة الصبابه عبرةٌ أو زفرةٌ ... متكفلٌ بهما حشًا وشؤونا
لولا التفجع لادَّعى هضبُ الحمى ... وصفا المشقّر أنّهُ محزون
1 / 21