الذين كانوا يأخذون عليه راحته، ويزاحمونه وهو في رحاب بيته بين أفراد عائلته وزوجاته، فينادونه باسمه المجرد، ويطلبون لقاءه دون موعد مسبق ...
إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون .» وهو بذلك إنما يشير إلى تغير الواقع وتبدله، بعد أن هاجر المصطفى
صلى الله عليه وسلم
من مكة إلى المدينة، وبعد أن مر زمان استتبت فيه الأركان للدعوة وصاحبها، وأصبح هناك أصول وبروتوكول يجب اتباعه في التعامل مع النبي
صلى الله عليه وسلم ، ولم يعقلها ويعها أولئك الذين ظلوا يتصورون بالإمكان مناداته من خارج بيته «يا محمد». ويتابع د. الصغير القول: «واستأثر البعض ... بوقت القائد، فكانت الثرثرة والهذر وكان التساؤل والتنطع، دون تقدير لملكية هذا الوقت، وعائدية هذه الشخصية، فحد القرآن من هذه الظاهرة ... وعالجها بوجوب دفع ضريبة مالية تسبق هذا التساؤل أو ذلك الخطاب، فكانت آية النجوى:
يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم (المجادلة: 12) ... فامتنع الأكثرون عن النجوى، وتصدق من تصدق، فسأل ووعى وعلم وانتظم المناخ العقلي ... ولما وعت الجماعة الإسلامية مغزى الآية ... نسخ حكمها ورفع، وخفف الله عن المسلمين بعد شدة ... في آية النسخ:
أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون (المجادلة: 13).»
1
والحالة التي بين أيدينا هنا واقع حي يتحدث ويفعل، فيتفاعل معه الوحي منفعلا وفاعلا، ويتهرب المتسائلون من لقاء النبي إشفاقا من نفقات يدفعونها ضرائب للسؤال والتعلم، فيعود الوحي يجمعهم مرة أخرى، مسقطا عنهم ضريبة العلم، مبقيا على الصلاة والزكاة، مع شرط طاعة الرسول
صلى الله عليه وسلم . وهكذا نجد آية النجوى وقد نسخ حكمها بآية ناسخة، بينما بقيت التلاوة قائمة في القرآن الكريم غير منسوخة. وفي تفسير الخازن أمثلة أخرى لهذا الوجه من وجوه النسخ، حيث يقول: «وهو كثير في القرآن، مثل آية الوصية للأقربين نسخت بآية الميراث عند الشافعي، وبالسنة عند غيره. وآية عدة الوفاة بالحول نسخت بآية
Halaman tidak diketahui