وقال بعض: { استوى على العرش } : أي علا على العرش.وإنما خلق الله العرش، وهو الغني عن القرار والمكان، تعبد به بعض الملائكة بحمله. وتعبد بعضهم بالطواف حوله،كما تعبد بالطواف حول الكعبة. فالكعبة: بيته. وهو الغني عن السكون في البيوت، والعرش عرشه. وهو الغني عن القعود على العرش.
وقيل: إن العرش هو العلم والكرسي هو العلم. وقوله: { وسع كرسيه السموات والأرض } أي وسع علمه.
وقيل: إن الكرسي هو العرش.
ويقال: الكرسي خلق من خلق الله، أعظم من السموات والأرض والله غني عن العرش والكرسي. وقد بينا فساد القعود على العرش. والكرسي مثله. وبالله التوفيق.
الباب الحادي والسبعون
في معاني استحياء الله عز وجل
وإحصائه للخلق وحسابه لهم
الحساب والإحصاء في الكتاب: فعل والإحصاء في غير الكتاب: العلم. قال الله تعالى: { وكل شيء أحصيناه في إمام مبين } ولم يزل محصيا للأشياء، أي لم يزل عالما بها. وليس الحساب في هذا الموضع عددا؛ لأنه تعالى، لم يزل عالما بما يكون.
وكذلك عد الأشياء عدا، أي أحصاها، وعلمها علما.
وقوله تعالى: { يرزقون فيها بغير حساب } فالقول في هذا على جهات: إحداها: فيوفون أجورهم، على غير مقادير الأعمال، أي ليس يحاسبون هذه المحاسبة. ولكنه ضاعف لهم. وقد نظر ذلك إلى الحساب، من جهة أن الله تعلمه، ويعلم عدده ويحصيه.
ومعنى قوله تعالى: الحسيب الكافي. يقال في اللغة: أعطاني فأحسبني أي كفاني. ويكون ذلك راجعا إلى نوع الفعل؛ لأن كفايته لخلقه فعل.
وقد قيل: العالم.
وقيل: إنه لا تشغله محاسبة عن محاسبة.
وقيل: إن حساب الله لخلقه يوم القيامة: أن تطاير الكتب إلى أصحابها. كل كتاب إلى صحابه، فيغرف صاحب الكتاب عدل الله عليه، فلا يشك في عدل الله عليه. ويتحقق معه الحق والعدل من الله عز وجل.
وأما استحياء الله في قوله تعالى: { والله لا يستحي من الحق } فالاستحياء على وجهين: على الغيبة والحضور. والحضور منفي عن الله عز وجل.
Halaman 58