والحكمة في ذلك الحكمة في إيلام الدواب والبهائم والأطفال، والهوام على معنيين:
الأول: أنه تعالى عوضهم، حتى خرج من أن يكون ظلمها؛ لأن حقيقة الظلم: هو الضرر الذي لا يستحقه المفعول به عقابا، على قبيح فعله.فلا يكون في ذلك الضرر وصول نفع، اعظم منه، ولا دفع ضرر أعظم منه.
الثاني: في إيلامهم اعتبار للمكلفين، حتى خرج من أن يكون عبثا. والمعلوم عند الله: لو لم يؤلمهم لما صار المكلفون، يقربون إلى الطاعات، ويتجنبون عن المعاصي. وتصديق ذلك: قوله تعالى في محكم كتابه: { وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا } الآية. ففي قبل الغلام، حصل له عوض يوم القيامة، وحصل للوالدين ألطاف كثيرة، لأن الوالدين كانا يحبان الغلام، من كثرة التفقد له.
قال المؤلف: ولم أجد في آثار أصحابنا ذكر العوض. والذي سمعت بعض المسلمين يقول: إن الحكمة في ألم الأطفال، لكي يعلموا فضل الآخرة، أنه ليس فيها ألم يؤذي.
مسألة:
سئل بعض العلماء عن المرض الذي يصيب الدواب والبهائم، يكون لهم بذلك عوض في الآخرة أم لا؟
قال: في هذا اختلاف بين قومنا ولا أعرف لأصحابنا منه قولا. وبالله التوفيق.
الباب الخامس والستون والمائة
في إيلام المكلفين
والحكمة في ذلك
قال المؤلف: إيلام المكلفين البالغين على وجوه:
الوجه الأول: أن يؤمر الأنبياء، ومن لا ذنب له؛ لاستحقاق الثواب، كألم الأطفال.
والوجه الثاني: ألم المؤمنين، من كسب الذنوب لم يأت منها. فلكي يكون حظه ذلك، من عذاب النار. فجعل ذلك الإيلام والبلاء عقوبة، لما سلف من ذنوبه.
Halaman 142