وسأل عمن زعم أن قبل يوم القيامة بعثا، يقتل بعده من قد مات في الدنيا. ويموت من قد قتل. وأن دولتهم وظهور أمرهم وبيان تصديق قولهم بعد ذلك البعث. ما الحجة عليه؟
قيل هل: هذا كاذب، مخالف لكتاب الله. والإجماع على خلاف قوله. وقد قال الله تعالى ما يدل على تكذيبه: { الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة } وقال: { لئن متم أو قتلتم } وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يروى عنه أنه قال: بعثت أنا والساعة كفرسي رهان. وإن كادت لتسبقني فسبقتها. ولم يقل: مثل ما قال صاحب هذه المقالة، ولا عن الصحابة الذين هم الحجة على شيء، مما ذكر هذا. وهذا كذب كله، ودعوى لا يصح لمن قال ذلك. وقوله زور، ومخالف للقرآن. وبالله نستعين.
الباب الثالث والأربعون والمائة
في عذاب القبر ومنكر ونكير
الشيخ أبو الحسن البسياني:
فإن قال: فما تقول في عذاب القبر؟
قيل له: ذلك إلى الله وهم عبيده -إن شاء- عذبهم في الدنيا، وفي القبر، وفي الآخرة.
وأما عذاب الآخرة، فلا شك فيه. وقد قال الله تعالى في اليهود: } ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار } .
وأما عذاب النار ، فلا بد لهم منه كما قال. وقد كتب عليهم في الدنيا الإجلاء من المدينة. وقد قال تعالى: { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر } فهو كذلك كما قال: إن شاء عذب في الدنيا بما شاء وعاقب فيها، من شاء. وقد قال عز وجل: { فأخذهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهو لا ينصرون } .
وقد اختلف الناس اختلافا كثيرا، في معنى عذاب القبر. وقولنا فيه، وفي غيره قول المسلمين. ولا يعجز الله شيء من ذلك.
وحجة من قال بعذاب القبر: قوله تعالى: { ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين } الآية.
فالموتة الأولى: التي تقع بهم في الدنيا بعد الحياة. والحياة الأولى: إحياء الله إياهم في القبر.
والموتة الثانية: إماتة الله إياهم بعد المسألة.
Halaman 128