108

Nur dan Hidaya

نور وهداية

Penerbit

دار المنارة للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٩ م

Lokasi Penerbit

جدة - المملكة العربية السعودية

Genre-genre

وبعد، فهذا هو المثال الذي مهدت له بهذا الاعتذار: إذا سمعت رنين الساعة المنبِّهة في فجر يوم من أيام الشتاء الباردة يدعوك إلى القيام إلى الصلاة، تتصور مشقة القيام وبرد الصباح وتجد لذة النوم ودفء الفراش، فتحسّ كأن صوتًا من داخلك يناديك أن: نَمْ فإنّ في الوقت فسحة. فتميل إلى مواصلة المنام، فتسمع صوتًا آخر يهتف بك أن: قُمْ فإن الوقت ضيق والصلاة خير من النوم. فيعود الصوت الأول يقول لك: استمتع بالدفء والراحة لحظات أخرى. فيرجع الأول يذكّرك بثواب الطاعة وعقاب المعصية. ولا تزال بين «قُم»، «نَم»، «قُم»، «نَم»، تتعاقبان مثل دقات الساعة، حتى تعزم فتَثب عند واحدة من دقّات «قُم»، أو يغلبك الهوى ويطول بك التردد حتى تطلع الشمس وتفوتك الصلاة.
ولهذا المثال الذي كررتُه أمثلة لا تحصى تعرفها من نفسك؛ إذا كنت شابًا وعرضَت لك في الطريق فتاة فتّانة من هؤلاء الكاسيات العاريات المائلات المميلات، وسمعت صوتًا من داخلك يقول لك: انظر إليها، ما أجملها! وصوتًا يقول لك: لا، دعها، فإن لك النظرة الأولى التي لا بدّ منها وعليك ما بعدها. وإذا عُرض عليك مال حرام تحسّ صوتًا يدعوك إلى أخذه ويحرك طمعك إليه، وصوتًا يمنعك منه ويذكّرك حكم الله فيه.
فالصوت الأول الداعي إلى المعصية التي فيها اللذة العاجلة هو صوت النفس الأمّارة بالسوء، والصوت الثاني الصارف عنها الداعي إلى الخير، هو صوت الضمير، صوت العقل.
وربما اشتد الأول وعَلا حتى ملأت أصداؤه كيانَك كله

1 / 120