وبعضُهم نظرَ إليهِ بحسبِ المتنِ والإسنادِ معًا، وهو قولُ الحاكمِ (١)، وهو الذي اختارهُ (٢)، ولهُ ترجيحانِ: الأولُ: أنَّ المسندَ في القولينِ الأولينِ يكونُ مرادفًا لغيرهِ (٣)، والأصلُ عَدَمُ الترادفِ، وإنَّ كلَّ اسمٍ من هذهِ الأسماءِ يخصُّ نوعًا من الأنواعِ.
الترجيح الثاني: أنَّهُ الموافقُ لاستعمالاتهم، وبيانهُ: أنَّ الشخصَ منهُم إذا جمعَ مسندًا، وأخرجَ فيهِ موقوفًا، أو ظاهرَ الانقطاعِ، ونحوَ ذلكَ اعترضوا عليه، وقالوا: أخرجهُ في مسندهِ وهو موقوفٌ، أو منقطِعٌ، ونحو ذلكَ، أو اعتذروا عنهُ بأنْ قالوا: ظنَّ فلانًا صحابيًا فأخرجَ حديثهُ في مسندهِ، وليس بصحابي، ونحو ذلكَ. ولا يزالون يُخرجونَ في المسانيدِ معنعناتِ المدلسينَ، فلا يُنكرُ ذلكَ أحدٌ؛ فإنَّ معنعنَ المدلسِ ظاهرهُ الاتصالُ، وإنْ كانَ في الواقعِ بخلافِ ذلكَ، من حيثُ كونه نقلَ ذلكَ الحديثَ عن شيخهِ الذي قد (٤) عرفَ لقاؤهُ إياهُ، وسماعهُ منهُ، ومن تأمَّلَ (٥) كلامَهُم ولاحظَ صنيعَهُم اتضحَ لهُ ذلكَ.
قولُه: (وبهِ جزمَ الحاكمُ) (٦) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: «وبهذا قطعَ الحاكمُ أبو عبدِ اللهِ الحافظُ، ولمْ يذكُرْ في كتابهِ غيرَهُ» (٧). انتهى.
لكنَّ الحاكمَ ما اشترطَ إلاّ ظهورَ / ٩٦ ب / الاتصالِ، فيدخلُ فيهِ المعنعنُ منَ المدلسِ، كما مضى آنفًا.
(١) وبه قال: أبو عمرو الداني، وأبو الحسن بن الحصار، وابن دقيق العيد، كما قال ابن حجر ﵀. انظر: الاقتراح: ٢١١، والنكت لابن حجر ١/ ٥٠٧ وبتحقيقي: ٢٨٨.
(٢) جاء في حاشية (أ): «أي ابن حجر».
(٣) زاد بعدها في (ب): «إلى المرفوع المعضل».
(٤) لم ترد في (ف).
(٥) في (ب): «تأول»، والمثبت من (أ) و(ف)، وهو الأصوب.
(٦) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٨٢، وانظر: معرفة علوم الحديث للحاكم: ١٧ - ١٨.
(٧) معرفة أنواع علم الحديث: ١١٥.