277

Nukat Wafiyya

النكت الوفية بما في شرح الألفية

Penyiasat

ماهر ياسين الفحل

Penerbit

مكتبة الرشد ناشرون

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٨ هـ / ٢٠٠٧ م

Genre-genre

Perbualan
لأنَّ غيرَ المعتمدِ لا يعتمدُ في الحكمِ على الإسنادِ ولا غيره. (١) اللهمَّ إلا أنْ يقالَ: إنَّ مرادَهُ بالمعتمدِ الغايةُ في العمدةِ، وهمُ النّقادُ الذينَ لهم اليدُ الطولَى في معرفةِ العللِ، فإنهم قليلٌ جدًا، وغالبُ المحدّثينَ - وإنْ سُمّوا حُفّاظًا - لا يبلغونَ هذهِ الدرجةَ، فَهُم وإن كانت فيهم أهليةُ التصحيحِ والتضعيفِ، لا يصلونَ إلى رتبةِ أولئكَ، فيكونُ المعنى أنَّ الناقدَ إذا قالَ: «صحيحُ الإسنادِ» ولم يعقبهُ بقادحٍ، فكأنَّهُ قالَ: فتّشتُ فلم أجدْ لهذا الحديثِ علةً، وقد فرضَ أنَّهُ ناقدٌ، وأنَّ فيهِ ملكةَ المعرفةِ التامةِ، وقد علمتَ فيما مضى في بحثِ الصحيحِ أنَّ عدمَ اطلاعهِ بعدَ الفحصِ كافٍ في نفي (٢) الشذوذِ والعلةِ، إذ ليسَ المرادُ انتفاءَهما في نفسِ الأمرِ؛ فإنَّ ذلكَ مما يَقصُرُ عنهُ علمُ البشرِ، فانحلَّ ذلكَ إلى أنَّ قولهُ تارةً: «صحيحٌ» وأخرى: «صحيحُ الإسنادِ» تفننٌ في العبارةِ، ليسَ غير؛ إذ قد اتضحَ أنَّ عدمَ وجدانِ الناقدِ العلةَ والشذوذَ بعدَ الفحصِ كافٍ في التصحيحِ، أو يقالُ: إنَّ المفهومَ لقولهِ: «المصنف» لا لقولهِ: «المعتمد» ويكونُ معناهُ أنَّ المعتمدَ الذي / ٨٤ ب / لم يبلغْ درجةَ التصنيفِ إذا قالَ: «صحيحُ الإسنادِ» لا نستفيدُ منهُ صحةَ المتنِ، ولو لم يعقبهُ بقادحٍ، وكذا الذي بلغَ أهليةَ التصنيفِ، لكنْ قالَ ذلكَ في غيرِ تصنيفٍ».
قلتُ: وقد كنتُ أرى أنَّ كلامَ ابنِ الصلاحِ فيهِ تقديمٌ وتأخيرٌ، إذا رتَّبَ اتضحَ المعنى، وتقديره: حكمُ المصنفِ المعتمدِ على إسنادٍ بالصحةِ من غيرِ تعقيبٍ بقادحٍ حكمٌ للمتنِ أيضًا بالصحةِ، غير أنَّهُ دونَ حكمهِ على المتنِ بالصحةِ من أولِ الأمرِ.
وأظُنُّ أنَّ ابنَ الصلاحِ أرادَ هذا المعنى، فلم توفِ بهِ عبارتُهُ، وهذا لا يُنقِصُ من جلالتهِ ﵀، ثمَّ ظهرَ لي أنَّ الكلامَ صحيحٌ موفٍ بالمعنى، ما فيهِ تقديمٌ

(١) نكت ابن حجر ١/ ٤٧٤، وبتحقيقي: ٢٥٩.
(٢) من قوله: «وقد علمت فيما مضى» إلى هنا لم يرد في (ك).

1 / 290