وفيه إرشاد إلَى أن صاحب الحاجة يقدم بين يديه من يعرِّف بقدره من يكون أقرب منه إلَى المسئول، وذلك مستفاد من قول خديجة لورقة: اسمع من ابن أخيك، أرادت بذلك: أن يتأهب لسماع كلام النبي ﷺ، وذلك أبلغ في التعظيم.
قوله: (ماذا ترى؟) فيه حذف يدل عليه سياق الكلام، وقد صرح به في "دلائل النبوة" لأبي نُعيم بسند حسن إلَى عبد الله بن شداد في هذه القصة قَالَ: "فأتت به ورقة ابن عمها فأخبرته بالذي رأى" (١).
قوله: (هذا الناموس الَّذِي نَزَّل الله عَلى مُوسَى).
وللكُشْمَيْهَني: "أنزل الله"، وفِي التفسير: "أُنزِل" (٢) عَلى البناء للمفعول. وأشار بقوله هذا إلَى الملك الَّذِي ذكره النبي ﷺ[٣٢/أ] في خبره ونزله منزلة القريب لقرب ذكره.
(والناموس): صاحب السر كما جزم به المؤلف في أحاديث الأنبياء (٣)، وزعم ابن ظفر وغيره أن الناموس: صاحب الخير (٤)، والجاسوس: صاحب سر الشر، والأول الصحيح الَّذِي عليه الجمهور، وقد سوَّى بينهما رؤبة بن العجاج أحد فصحاء العرب، والمراد بالناموس هنا: جبريل ﵇.
وقوله: (عَلى موسى) ولم يقل: عَلى عيسى مع كونه نصرانيًّا؛ لأن كتاب موسى مشتمل عَلى أكثر الأحكام بخلاف عيسى، وكذلك النبي ﷺ، أو لأن موسى بُعث بالنقمة عَلى فرعون ومن معه بخلاف عيسى، وكذلك وقعت النقمة عَلى يد النبي ﷺ بفرعون هذه الأمة وهو أبو جهل بن هشام ومن معه ببدر، أو قاله تَحقيقًا للرسالة؛ لأن نزول جبريل عَلى موسى متفق عليه بين أهل الكتابين بخلاف عيسى فإن كثيرًا من اليهود يُنكرونَ نبوته.