Nubugh Maghribi
النبوغ المغربي في الأدب العربي
Penerbit
لا يوجد
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
١٣٨٠ هـ
Genre-genre
سياسة الدولة
في ذاك الجو السياسي المضطرب الذي خضع له المغرب مدى ثلاثة قرون أو تزيد، ومن صميم الشعب المغربي الذي سئم حياة الفوضى والقلق، قام الرجل الذي رسم لهذه البلاد خطة العمل، وقاد أهلها إلى قرارة المجد ومستوى العظمة، فعرفوا واجبهم من يومئذ وما تخلفوا عنه قط. وكان الرجل تلميذًا غير مباشر للشيخ أبي عمران الفاسي السابق الذكر، والذي نفته السلطة الغاشمة من بلده فاس لأمره بالمعروف ونهي عن المنكر. فنحن إذًا بإزاء خريج لتلك المدرسة الإصلاحية التي لم يتح لها أن تقوم بدورها في أرض الوطن فأدته من بعيد على أحسن الوجوه.
ويتعلق الأمر بأحد زعماء قبيلة صنهاجة العظيمة وهو يحيي بن إبراهيم الكدالي، فإنه لما حج ومر في طريق عودته بالقيروان، اجتمع بأبي عمران هذا وتحدث إليه عن سوء الحالة الاجتماعية بالمغرب وما عليه القبائل من الجهل بأصول الدين وفروع الشريعة. فبعث معه بكتاب إلى تلميذه واجاج بن زلو اللمطي وكان فقيهًا صالحًا وإقامته بمدينة نفيس بالجنوب المغربي، يأمره فيه أن يبعث معه من تلاميذه من يصلح للدعوة والإرشاد، ويصبر على لأواء الصحراء. ولحسن الحظ فقد وقع اختياره على تلميذ من الحذاق الأذكياء الفقهاء النبلاء أهل الدين والفضل والتقى والورع والأدب والسياسة والمشاركة في العلوم، كما وصفه ابن أبي زرع، هو عبد الله بن ياسين الجزولي؛ فخرج مع يحيى بن إبراهيم حتى وصل بلاد كدالة من قبائل صنهاجة، وهم ولمتونة إخوة يجتمعون في أب واحد. وكانوا يسكنون آخر بلاد الإسلام، ويحاربون السودان، ويليهم من جهة المغرب البحر المحيط (١).
(١) هكذا حدد مواطنهم الأولى صاحب القرطاس، وتلك عبارته. ويعني بآخر بلاد الإسلام الصحراء الكبرى فقد كانت غاية ما انتهت إليه الدعوة الإسلامية إذ ذاك ثم بلغت بفضل جهود المرابطين إلى ما وراء التخوم الصحراوية من إفريقية السوداء.
1 / 57