وَالثَّانِي أَنه حَتَّى لَو وجدنَا هَذَا وَقد اعاذ الله تَعَالَى وَمنع من أَن يُوجد لَكَانَ من شرع فِي هَذَا شَيْئا قد شرع فِي الدّين مَا لم يَأْذَن بِهِ الله وَهَذَا حرَام قد منع الْقُرْآن مِنْهُ فَبَطل الرَّأْي وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين
فان قَالُوا قد قَالَ الصحابه رضى الله عَنْهُم بِالرَّأْيِ قُلْنَا ان وجدْتُم عَن أحد مِنْهُم تَصْحِيحا لقَوْل بِالرَّأْيِ وجدْتُم عَنهُ التبريء مِنْهُ وَقد بَينا هَذَا فِي كتَابنَا الْأَحْكَام لأصول الْأَحْكَام وَفِي رساله النكت غَايَة الْبَيَان وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق
فصل فِي الْقيَاس
وَلَا يحل الحكم بِالْقِيَاسِ فِي الدّين وَالْقَوْل بِهِ بَاطِل مَقْطُوع على بُطْلَانه عِنْد الله تَعَالَى برهَان ذَلِك مَا ذَكرْنَاهُ آنِفا فِي ابطال الرَّأْي فان قَالُوا ان القَوْل بِالْقِيَاسِ فِي الْقُرْآن وَذكروا قَول الله تَعَالَى ﴿يخربون بُيُوتهم بِأَيْدِيهِم وأيدي الْمُؤمنِينَ فاعتبروا يَا أولي الْأَبْصَار﴾ وَجَزَاء الصَّيْد وَكَذَلِكَ الجروح
قُلْنَا لَهُم لَيْسَ معنى اعتبروا فِي لُغَة الْعَرَب قيسوا وَلَا عرف ذَلِك أحد من أهل اللُّغَة وانما معنى اعتبروا تعجبوا واتعظوا قَالَ الله تَعَالَى ﴿لقد كَانَ فِي قصصهم عِبْرَة لأولي الْأَلْبَاب﴾ أَي عجب وموعظة وَقَالَ تَعَالَى ﴿وَإِن لكم فِي الْأَنْعَام لعبرة نسقيكم مِمَّا فِي بطونه من بَين فرث وَدم لَبَنًا خَالِصا سائغا للشاربين وَمن ثَمَرَات النخيل وَالْأَعْنَاب تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سكرا وَرِزْقًا حسنا إِن فِي ذَلِك لآيَة لقوم يعْقلُونَ﴾
1 / 62