166

الانتصار للصحب والآل من افتراءات السماوي الضال

الانتصار للصحب والآل من افتراءات السماوي الضال

Penerbit

مكتبة العلوم والحكم

Nombor Edisi

الثالثة

Tahun Penerbitan

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٣ م

Lokasi Penerbit

المدينة المنورة

Genre-genre

الصحابة ﵃ في معركة الجمل بغير اختيار منهم، وإنما بسبب المكيدة التي دبرها قتلة عثمان للوقيعة بينهم، كما تقدم بيان ذلك، فلم يكن أمر الاقتصاص مقدورًا عليه بعد هذه الأحداث لا لعلي، ولا لغيره من مخالفيه، وذلك لتفرق الأمة وانشغالها بما هو أولى منه من تسكين الفتنة ورأب الصدع.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: «لم يكن علي مع تفرق الناس عليه متمكنًا من قتل قتلة عثمان، إلا بفتنة تزيد الأمر شرًّا وبلاءً. ودفع أفسد الفاسدين بالتزام أدناهما أولى من العكس، لأنهم كانوا عسكرًا، وكان لهم قبائل تغضب لهم، والمباشر منهم للقتل -وإن كان قليلًا- فكان ردؤهم أهل الشوكة، ولولا ذلك لم يتمكنوا، ولما سار طلحة والزبير إلى البصرة ليقتلوا قتلة عثمان، قام بسبب ذلك حرب قتل فيها خلق.
ومما يبين ذلك أن معاوية قد أجمع الناس عليه بعد موت علي، وصار أميرًا على جميع المسلمين، ومع هذا فلم يقتل قتلة عثمان الذين
كانوا قد بقوا» . (١)
وعلى كل حال فأيًا كان عذر علي ﵁ فالمقصود هنا أنه لا يخالف بقية الصحابة المطالبين بدم عثمان ﵁ في وجوب الاقتصاص من قتلة عثمان ﵁ على ما تقدم تصريحه بذلك في إجابته لطلحة والزبير لما طالباه بقتل قتلة عثمان حيث قال (يا إخوتاه، إني لست أجهل ما تعلمون، ولكن كيف أصنع بقوم يملكوننا ولا نملكهم)، ثم أقسم بعد ذلك وهو الصادق البار: أنه لا يرى إلا ما يرون في هذا الأمر، وهذا مما يدل على إجماع الصحابة ﵃ على هذه المسألة، والله تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: أن الصحابة ﵃ الذين اختلفوا في الفتنة لم يتهم بعضهم بعضًا في الدين، وإنما كان يرى كل فريق منهم أن مخالفه وإن كان مخطئًا، فهو مجتهد متأول، يعترف له بالفضل في الإسلام وحسن الصحبة لرسول الله ﷺ.

(١) منهاج السنة ٤/٤٠٧-٤٠٨

1 / 174