260

اللباب في علوم الكتاب

اللباب في علوم الكتاب

Editor

الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض

Penerbit

دار الكتب العلمية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٩ هـ -١٩٩٨م

Lokasi Penerbit

بيروت / لبنان

Genre-genre

الطريق الثاني: أن ينتفي القَيْدُ، فينتفي العامل فيه، فكأنه قيل في المثال السابق: لم يقبل، ولم يضحك، وهذا المعنى - أيضًا - غير مراد بالآية الكريمة قطعًا، أعني: نفي الإيمان والخداع معًا، بل المعنى على نَفْي الإيمان، وثبوت الخداع، ففسد جعلها حالًا من الضمير في «بمؤمنين» .
والعجب من أبي البَقَاءِ كيف استشعر هذا الإشكال، فمنع من جعل هذه الجملة في محل جر صفة ل «مؤمنين»؟ قال: لأن ذلك يوجب نفي خِدَاعهم، والمعنى على إثبات الخداع، ثم جعلها حالًا من ضمير «بمؤمنين»، ولا فرق بين الحال والصفة في هذا.
و«الخداع» أصله: الإخفاءُ، ومنه الأَخْدَعَان: عِرْقان مُسْتَبْطنان في العُنُقِ، ومنه مخدع البيت، وخَدَع الضَّبُّ خِدْعًا: إذا توارى في جُحْرِه، وطريق خادع وخديع: إذا كان مخالفًا للمقصد، بحيث لا يفطن له؛ فمعنى يخادع: أي يوهم صاحبه خلاف ما يريد به المَكْروه.
وقيل: هو الفساد أي يفسدون ما أَظْهَروا من الإيمان بما أَضمروا من الكُفْرِ قال الشاعر: [الرمل]
١٨٤ - أَبْيَضُ اللَّوْنِ لَذِيذٌ طَعْمُهُ ... طَيِّبُ الرِّيقِ إِذَا الرِّيقُ خَدَعْ
أي: فسد.
ومعنى «يُخَادعون الله» أي: من حيث الصورة لا من حيث المَعْنِى.
وقيل: لعدم عرفانهم بالله - تعالى - وصفاته ظنّوه ممن يُخَادَع.
وقال الزَّمخشري: إن اسم الله - تعالى - مُقْحَم، والمعنى: يخادعون الذين آمنوا، ويكون من باب: أعجبني زيد وكرمه. والمعنى: أعجبني كرم زيد، وإنَّما ذكر «زيد» توطئةً لذكر كرمه.
وجعل ذلك نظير قوله تعالى: ﴿والله وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ﴾ [التوبة: ٦٢]، ﴿إِنَّ الذين يُؤْذُونَ الله وَرَسُولَهُ﴾ [الأحزاب: ٥٧]، وهذا منه غير مُرْضٍ؛ لأنه إذا صح نسبة مخادعتهم إلى الله - تعالى - بالأوجه المتقدّمة، فلا ضرورة تدعو إلى ادعاء زيادة اسم الله تعالى.
وأما «أعجبني زيد وكرمه»، فإن الإعجاب أسند إلى «زيد» بجملته، ثم عطف عليه بعض صفاته تمييزًا لهذه الصفة من بين سائر الصفات للشرف، فصار من حيث المعنى نظيرًا لقوله تعالى: ﴿وملاائكته وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وميكال﴾ [البقرة: ٩٨] .

1 / 337