123

اللباب في علوم الكتاب

اللباب في علوم الكتاب

Penyiasat

الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض

Penerbit

دار الكتب العلمية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٩ هـ -١٩٩٨م

Lokasi Penerbit

بيروت / لبنان

Genre-genre

فصل في معنى العبادة قال ابنُ الخَطيب رَحِمَهُ اللهُ تعالى: العبادةُ عبارةٌ عن الفعل الذي يؤتى به لغرض تَعْظِيم الغَيْرِ، من قولهم: طريقٌ مُعّبَّدٌ، أَيْ: مذلَّلٌ، فقوله: إيَّاكَ نَعْبُدُ، معناه: لا أعبد أحدًا سواك، ويدلُّ على هذا الحصر وجوه: فَذّكَر من جملتها: تسميَة الله، والرب، والرحمن، والرحيم، ومالك يوم الدين، وكونَهُ قادرًا بان يُمسِكَ السّماءَ بلا إعانة، وأَرْضًا بلا دِعَامة، ويُسَيِّرُ الشمسَ والقمر، ويسكن القُطْبَيْن، ويخرجُ من السَّماء تارة النَّارَ؛ وهو البرق، وتارة الهواءَ؛ وهو الريح، وتارة الماء؛ وهو المطر. وأما في الأرضِ فتارةً يُخْرج الماء من الحَجَرِ؛ وتارةً يُخْرج الحجرَ من الماء؛ وهو الجمد، ثم جعل في الأرض أجسامًا مُقيمةً لا تسافر؛ [وهي الجبال]، وأجسامًا مسافرة لا تقيم؛ وهي الأنهار، وخسف بقارون فجعل الأَرضَ فَوْقَهُ، ودفع محمدًا ﵊ ُ - إلى قَاب قَوْسَيْن، وجعل الماء نارًا لى قوم فرعون؛ لقوله: ﴿أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَارًا﴾ [نوح: ٢٥]، وجعل النارَ بَرْدَا وسلامًا على إِبْرَاهِيمَ ﵇ ورفع مُوسَى ﵇ فوق الطُّورِ، وغرق الدنيا من التّنُّورِ، وجعل البحر يبسًا لموسى ﵊ ُ - فهذا من أداة الحَصْرِ. والكلام في» إِيِّاكَ نَسْتَعِينُ «كالكَلاَمِ في» إِيَّاكَ نَعْبُدُ «. والواو: عاطِفَةٌ، وهي من المشتركةِ في الإعرابِ والمعنَى، ولا تقتضي تَرْتِيبًا على قول الجمهور، خلافًا لطائفةٍ من الكوفيينَ ولها أحكام تختص بها تأتي إن شاء الله تعالى. وأصل» نَسْتَعِين «:» نَسْتَعْوِنُ «؛ مَثْلُ:» نَسْتَخْرِجُ «في الصحيح؛ لأنه من العَوْنِ، فاسْتُثْقِلَتِ الكسرةُ على الوَاوِ، فنقلت إلى السّاكنِ قَبْلَها، فسكنت الواوُ بعد النَّقلِ وانكَسَر ما قبلها؛ فَقُلِبَتْ ياءً. وهذه قاَعِدةٌ مطّردَةٌ؛ نَحْوَ:» مِيزَان، وميِقَات «، وهما من: الوَزْنِ، والوَقْتِ. والسِّينُ فيه معناها: الطلبُ، أَيْ نَطْلُبُ منك العونَ على العِبَادَةِ، وهو أحد المعاني التي ل» استفعل «وله معَانٍ أُخَرٌ: الاتخاذُ: نحو:» اسْتَحْجَرَ الطِّينُ «، أَيْ: نَطْلُبُ منك العونَ على العِبَادَةِ، وهو أحد المعاني التي ل» استفعل «، وله مَعَانٍ أُخَرٌ: الاتخاذُ: نحو:» اسْتَعْبِدْهُ «أي: اتخذْهُ عبدًا. والتحولُ؛ نحو: «اسْتَحْجَرَ الطِّينُ» أَيْ: صار حجرًا، ومنه قوله: «إنَّ البُغَاثَ بأَرْضِنَا يَسْتَنْسِرُ» أي: تتحولُ إلى صفة النُّسور. ووجودُ الشَّيْءِ بمعنى ما صِيغَ منه؛ نحو: «اسْتَعْظَمَهُ» أَيْ: وجده عظيمًا.

1 / 200