هو الأب والأخ والصديق والخطيب والزوج فإذا سقط سقطنا معه، وإذا ارتفع كنا بارتفاعه عظيمات؛ لذلك نريد له خيرا ونجتهد في تأييد دولته، بشرط أن ينصب عرشنا بقرب عرشه، وأن نقف إلى جنبه وقفة المثيل بجوار المثيل، نريد أن نكون متساويين في الواجبات والمسؤلية، بل إن واجباتنا ومسؤليتنا يفوقان ما عليه من مسئولية وواجب!
فيا ترى متى يرضى الرجل بتقرير هذه الحقيقة؟
ما أطيب قولك، يا سيدتي الباحثة، إنك تشفقين على من يستحق الشفقة ومن لا يستحقها! الرجل من الذين يستحقون الشفقة؛ لأنه لا يعرف أنه يستحقها إنه باستعبادنا لمنتحر، ولو صرفنا النظر عن مستقبل الذرية وبحثنا في حياته الفردية لوجدنا أن ما من أحد يساعده على التخلص من الشوائب الشائنة، ويحثه على إنماء شخصيته الغنية المخصبة إلا نحن، كما أنه لا يهدينا إلى واجباتنا ويضع في ضعفنا قوة إلاه.
الحجاب؟ وما الحجاب؟
مرحبا به ما دمنا في وسط لا يعرف كيفية معاملة المرأة ولا يستطيع احترامها، ولكن كيف نلوم الرجل على كلامه ونظراته ما دام رجل اليوم صنع امرأة الأمس؟! هكذا علمته أمه وإن لم تعلمه ذلك فإنها لم ترشده إلى ما يفضله، ولا ذنب لها لأن قصورها في جهلها لم يكن إلا نتيجة اتفاق أبيها وزوجها على جعلها عبدة، لا لوم على أبناء تلك الأمهات، إلا أن مستقبلنا صالح؛ لأن حاضرنا مملوء بالآمال الطيبات، النشء تتنازعه طبائع الوراثة ومؤثرات العصر وعواصف الفوضى المهاجمة قديم التقاليد من كل ناحية، ولكنه ينشد الصراط السوي ويصغي إلى صوت الإصلاح فارفعي صوتك، يا سيدتي، ولا تيأسي! قولي بصراحتك واكتبي بشجاعتك! جاهري ولا تصمتي!
إن البذرة التي تزرعها اليوم يد زارع تنبت سنبلة في كيانها حياة الغد، وما يتبعه من الأيام، وعندما تخضر المروج بنصرة الرجاء، فتتماوج فوق غلتها نسمات الحياة، إذ ذاك سيسمع المستقبل صدى جيل يردد أبيات الأمير شوقي:
صداح يا ملك الكنا
ر ويا أمير البلبل
صبرا لما تشقى به
أو ما بدا لك فافعل
Halaman tidak diketahui