رأيتها في موضوع الحجاب تضرب البحر بعصا موسى ولكنه لم يطعها، بل بقي عريقا عميقا، في صفاء مائه ما يغني عن انفلاقه، وستظهر الأيام أن رأيها في الحجاب رأي لم تقدر على تخميره، ولم تملك حرية القول فيه، وإنني لست معها في أمره، وأرى غير ما تراه فيه.
أيتها السيدة الفاضلة لا تبالي بما يتعرضك في طريقك من قول اللائي لم يشمن نور العلم (ما للسيدات وللخطابة، وما لهن للكتابة؟! وإن رضي أبوها، فكيف رضي زوجها؟! وإن رضي زوجها، فكيف رضيت عشيرتهما؟!)، فإن العلم دائما محسود أهله، ولن يغلبه الجهل مهما كثر مشايعوه.
أي بنية أخي إني أراك قد نبغت بين قريناتك، واتخذت لك طريقا لم يسلكه قبلك منهن ولا واحدة؛ فكنت لهن قدوة صالحة؛ فكثر بوجودك بينهن عدد الكاتبات القارئات المتعلمات إلى الدرجة الابتدائية، ثم تدرج منهن بعضهن إلى التعليم الثانوي والعالي، فثابري بلا مبالاة على خطتك هذه، وأصمي أذنيك عن لوم اللائمات، فما هي إلا مائة وعشرون سنة يكون الفرق بين نسائها وبين نساء اليوم ما كان بين نساء اليوم ونساء تلك المائة والعشرين عاما.
أيتها الفاضلة ناشدتك الله أن تكوني لبنات زمانك هذا قدوة في عملك بما تقررينه في أقوالك وخطاباتك حتى يكون نصحك مقرونا بالإجابة مصحوبا بالقبول، وإني لأعلم منك ذلك، ولكن لا بد من أن أنصحك به؛ لأنه إذا ظهر على الناصح عمله أولا بنصائحه قبله المنصوح ورسخ في نفسه العمل به، وبهذا تكونين قدوة صالحة لأخواتك في الأعمال والأقوال.
أيتها السيدة، إذا كتبت بعد هذا الذي رأيته فأمامك ضرب المثل بالبعض وإياك والحكم على الجميع، فإن في هذا إغراء بالمخالفة، وليس هذا مما يقصده المؤسسون، وبعد هذا فلله أنت! ولله أبوك! ولله بعلك! وفي سبيل الله ما تقاسين من عناء وما تكابدين من محاولة هداية وإرشاد، حقق الله آمالك وأقر عينك بنيل ما تطلبين لأخواتك من الخير العاجل، والسلام.
عبد الكريم سلمان
جاءنا من صاحب السعادة إسماعيل صبري باشا، وكيل نظارة الحقانية سابقا:
بنت أخي العزيز حفني بك ناصف
نشرت كتابك دواء لعلة من علل الوطن، ذلك المريض العزيز في وقت اجتمعت حول وساده الأطباء والرقاة، هذا يصيح وهذا يولول وذاك يكتب وذلك يخطب وذياك ينادي بالصمت ويشير بترك العليل للطبيعة، تعمل فيه عملها، إن خيرا وإن شرا.
وكل يدعي حبا لليلى
Halaman tidak diketahui