223

وأن إباءهم عن إطلاق لفظ القديم عليها ليس بحقيقي (1).

وأما الفلاسفة فلم يذهبوا إلى : أن الأزلي يستحيل أن يكون فعلا لفاعل مختار ، بل ذهبوا إلى : أن الفعل الأزلي يستحيل أن يصدر إلا عن فاعل أزلي تام في الفاعلية ، وأن الفاعل الأزلي التام في الفاعلية يستحيل أن يكون فعله غير أزلي ، ولما كان العالم عندهم فعلا (2) أزليا أسندوه إلى فاعل أزلي تام في الفاعلية ، وذلك في علومهم الطبيعية (3). وأيضا لما كان المبدأ الأول عندهم أزليا تاما في الفاعلية ، حكموا بكون العالم الذي هو فعله أزليا ، وذلك في علومهم الإلهية ، ولم يذهبوا أيضا إلى أنه ليس بقادر مختار ، بل ذهبوا إلى أن قدرته واختياره لا يوجبان كثرة في ذاته (4)، وأن فاعليته ليست كفاعلية المختارين من الحيوانات (5)، ولا كفاعلية المجبورين من ذوي الطبائع الجسمانية (6).

وفرق بين الاختيار الذي يثبته الحكماء والذي يثبته المتكلمون ، لأن الحكماء يقولون: إنه مختار بمعنى وجوب صدور الفعل عنه دائما ، والمتكلمون ينفون دوام الصدور عنه ، ويقول بعضهم بوجوب الصدور نظرا إلى قدرته وإرادته ، وبعضهم ينفي وجوب الصدور عنه (7) أصلا ، ويقولون : إنه يختار أحد الطرفين المتساويين على الآخر لا لمرجح (8).

Halaman 228