Nihayat Aqdam
نهاية الإقدام في علم الكلام
Genre-genre
فوجه تركيب البرهان منه أن نقول كل متغير أو متكثر فهو ممكن الوجود باعتبار ذاته وكل ممكن الوجود باعتبار ذاته فوجوده بإيجاد غيره فكل متغير أو متكثر فوجوده بإيجاد غيره وأيضا فإن الكل متركب من الآحاد والآحاد إذا كان كل واحد منها ممكن الوجود فالكل واجب أن يكون ممكن الوجود وكل ممكن فهو باعتبار ذاته جايز أن يوجد وجايز أن لا يوجد وإذا ترجح جانب الوجود على العدم احتاج إلى مرجح والمرجح يستحيل أن يكون مرجحا باعتبار ذاته ومن حيث وجوده فقط لأمور أحدها أن الوجود من حيث هو وجود أمر يعم الواجب والجايز وهو فيهما بمعنى واحد لا يختلف فلو أوجد من حيث أنه وجود أو من حيث أنه ذات لما كان أحد الموجودين أولى بالإيجاد من الثاني فيتعين أنه يوجد لكونه وجودا على صفة أو ذاتا على صفة ويدل على ذلك الأمر الثاني وهو أن وجوه الجواز قد تطرقت إلى الأفعال وتلك الوجوه متماثلة والموجب لا يخصص مثلا عن مثل فإن نسبة أحد المثلين إليه كنسبته إلى المثل الثاني فإذا خصص أحد المثلين دون الثاني علم أن الإيجاب الذاتي باطل فإن منعوا تلك الوجوه فلا شك أن الجايز بنفسه يتساوى طرفاه ونسبة الذات من حيث هو ذات إلى أحد طرفيه كنسبته إلى الطرف الثاني فإذا تخصص بالوجود دون العدم فلا بد من مخصص وراء كونه ذاتا وبطل الإيجاب بالذات والثالث أن الموجب بالذات ما لم يناسب الموجب بوجه من وجوه المناسبة لم يحصل الموجب وذلك أنا إذا تصورنا ذاتين أو أمرين معلومين لا اتصال لأحدهما بالآخر ولا مناسبة بينهما ولا تعلق ولا أشعار بل اختص كل واحد منهما بحقيقته وخاصته لم يقض العقل بصدور أحدهما عن الثاني وواجب الوجود لذاته ذات قد تعالى وتقدس عن جميع وجوه المناسبات والتعلق والاتصال بل هو منفرد بحقيقته التي هي له وهي وجوب وجوده ولا صفة له ثانية تزيد على ذاته الواجبة فلا يلزم أن يوجد عنه شيء بحكم الذات فإيجاب الذات غير معقول أصلا بعد رفع النسب والعلائق وعن هذا قلتم أن الموجب لما كان واحدا استحال أن يصدر عنه شيئان معا ولما كان عقلا أي مجردا عن المادة أوجب عقلا بالفعل مجردا عن المادة ولما اقتضى الإيجاب مناسبة والمناسبة تقتضي المماثلة حتى ينوب أحد المثلين مناب الثاني ثبت لواجب الوجود مثل ثبوت مناب واجب الوجود في الإيجاب فعرف أن الإيجاب الذاتي باطل فتعين الإيجاد الاختياري وذلك ما أردنا أن نورد.
فإن قيل إما كون العالم جايز الوجود واحتياجه إلى واجب الوجود فمسلم لكن لم قلتم إن كونه موجودا بغيره يستدعي حدوثه عن عدم فإن وجود الشيء بالشيء لا ينافي كونه دايم الوجود به وإنما يتبين هذا بأن نبحث في الموضع المتفق انه إذا أحدثه عن عدم هل كان سبق العدم شرطا في تحقق الأحداث.
قلنا لا يجوز أن يكون شرطا فإن المحدث ما استند إلى المحدث إلا من حيث وجوده فقط والعدم لا تأثير له في صحة الإيجاد فيجوز أن يكون دايم الوجود بغيره.
Halaman 6