- أ -
[مقدمة التحقيق]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تمهيد:
أحمد الله تعالى وأصلى وأسلم على خير خلقه سيدنا ونبينا محمد ﷺ وعلى آله وصحابته والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد. . . . فإن من أجل العلوم وأشرفها وأعلاها منزلة: علوم القرآن وعلوم الحديث، وما يتصل بهما، وقد نالت هذه العلوم عظيم الاهتمام، من حين نزول الوحى بالقرآن الكريم على النبي ﷺ، وإشراق الدنيا بنور القرآن الكريم مصدر التشريع الأول، والحديث الشريف مصدر التشريع الثاني.
وقد نمت وترعرعت هذه العلوم فى ظل الرسول الأعظم والمعلم الأكبر محمد ﷺ، والأئمة الأعلام من صحابته، رضوان الله عليهم أجمعين، وتمت نعمة الله على المسلمين بقوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ وكان تمام هذه النعمة فى استواء التشريع، وبيان العقيدة، وإيضاح معالم الدين من شرائع وقوانين كاملة للمعاملة والسلوك فى المجتمع الإسلامي الجديد.
وصرف علماء الإسلام عنايتهم إلى دراسة مصادر التشريع، وتفرعت هذه الدراسات وآتت ثمارها، وكان من نتاجها المذاهب الفقهية الأربعة الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي، وانكب أصحاب كل مذهب على دراسته وتأصيله وتفريعه، وتوضيحه، يستمدون فى ذلك العون من أنواع العلوم الإسلامية والعربية.
وازدهرت الحضارة الإسلامية وانبثق نور الإسلام على ربوع الدنيا، ودخل الناس فى دين الله أفواجا، لا يحجبهم جنس، ولا يمنعهم عنصر، ولا تدفعهم قومية، كل الخلق انضوى تحت لواء شعاره: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾.
وكان لزاما على علماء الإسلام أن يجنحوا إلى الإطناب فى التوضيح والتفصيل والتدوين وتمخضت جهودهم عن شتى أنواع العلوم، ومنها: غريب القرآن الكريم، وغريب الحديث وغريب الفقه.
أما غريب القرآن الكريم، وغريب الحديث فقد حظيا باهتمام كبير، فحسبهما الارتباط الوثيق بأهم مصادر التشريع. وأما غريب الفقه فقد أخذت أطراف العناية تتجه إليه فى أثناء القرن الثاني للهجرة، وبدأت بذور تدوينه فى أثناء القرن الثالث الهجري. فقد صنف ابن قتيبة كتابه غريب الحديث، وضع فى مقدمته شرحًا يسيرًا لبعض المصطلحات الفقهية العامة وهي، وإن كانت قليلة ومختصرة قياسًا إلى حجم كتابه، إلا أنها تعد من البذور الأولى فى تدوين غريب الفقه.
المقدمة / 2