[مناظرة بين الشافعي وبشر المريسي]
[رواية مالك عن أهل العراق]
لكن من المعلوم أنه كان بالعراق علم كثير أخذ عمن سكن بها من الصحابة.
فكان عند الحجازيين أنهم يقولون قد اشتبه علينا أمرهم فلا نعرف الحق من الباطل كأحاديث أهل الكتاب فلهذا انصرفوا عن ذلك وكانوا إلى أهل البصرة أميل منهم إلى أهل الكوفة وكذلك البصريون إليهم أميل ولهذا روى مالك عن أيوب السختياني فلما قيل له كيف تروي عنه وهو عراقي قال ما حدثتكم عن أحد إلا وأيوب أفضل منه أو نحو هذا وروى في موطئه أحاديث مخرجها من العراق كحديث كعب بن عجرة في فدية الأذى وحديث عمران بن حصين في سجود السهو وغير ذلك.
فلما اجتمع الشافعي بالعلماء هناك صار له من المعرفة بالأحاديث والنظر ما لم يكن له قبل ذلك ولهذا قال لأحمد بن حنبل إذا صح الحديث فأعلمني حتى أذهب إليه سواء كان كوفيا أو بصريا أو شاميا ولم يقل أو حجازيا فإنه ما زال يحتج بالأحاديث الحجازية.
ولما كان بالعراق كان به من يناظره من الموافقين والمخالفين ما لم يكن بمصر.
وقد ناظره بشر المريسي في الفقه وأصوله مناظرة طويلة جمعها أبو عبد الرحمن صاحب الشافعي ولكن تخمر عنده أشياء فصنف كتابه المصري بعد ذلك وكان اعتماده في كثير منه على المعاني التي تخمرت في نفسه أكثر من اعتماده على ألفاظ الأحاديث لهذا يوجد في كثير منه معاني أحسن من معاني القديم وفي القديم أقوال كثيرة أرجح من أقواله في المصري لهذا لم يذكر في كتابه في مسألة نذر اللجاج والغضب آثارا بأسانيدها وألفاظها بل اعتمد على تفريع قول عطاء وقد بلغه أن عدة من الصحابة يقولون بمثل ذلك وهؤلاء المذكورون في حديث ليلى بنت العجماء.
وذكر أن المفرعين على قوله لم يستثنوا الطلاق والعتاق وهذا مما فيه خلاف طردا وعكسا.
أما الطرد فمن جعل العتق والطلاق أو أحدهما من الأيمان.
Halaman 82