المجلد الأول
مقدمة
...
ذلك بذوقه غير مستعين بمعلم ولا مرشد، وقد ذكر ذلك عن نفسه في مقدمة كتابه النظرات حين سئل كيف يكتب رسائله، فزعم أنه ما استطاع أن يكتب تلك الرسائل التي يعلمونها بهذا الأسلوب الذي يزعمون أنهم يعرفون له الفضل فيه، إلا لأنه استطاع أن يتفلت من قيود التمثل والاحتذاء. ولأنه عمد إلى كتب الأدب فأكثر القراءة فيها، وأحب الأدب حبا جما ملأ ما بين جوانحه، فلم تكن ساعة من الساعات أحب إليه ولا آثر عنده من ساعة يخلو فيها بنفسه، ويمسك عليه بابه، ثم يسلم نفسه إلى كتابه، فيخيل إليه كأنه قد انتقل من هذا العالم الذي هو فيه إلى عالم آخر من عوالم التاريخ الغابر، فيشاهد بعينيه تلك العصور الجميلة عصور العربية الأولى، ويرى العرب في عصور بداوتهم وحضارتهم وألوان حياتهم. وزعم في تلك المقدمة أنه كان لا يحول بينه وبين تلك السعادة التي كان يلقاها في مطالعة هذه الكتب إلا بعض شيوخه الذين لا يرون رأيه فيها، وهم لا يعلمون أنهم حسنة من حسنات الأدب هم وجميع ما يدور به جدار
1 / 2