والبليغ الحاذق من إذا وصف شيئا أعطاه حقه، ووفاه شرطه، ووصفه بما يناسبه في حالتي مدحه وذمه، ووضع كل شيء في مكانه في نثره ونظمه.
فأين هذا الشاعر في أدبه وحذقه بالصناعة وفطنته، من أبي علي الحسن ابن رشيق، وقد أمره المعز بن باديس أن يصف أترجه [مصبغة] كانت بين يديه، فقال مرتجلا على البديهة:
أترجة سبطة الأطراف ناعمة ... نلقي العيون بحسن غير مبخوس
كأنها بسطت كفا لخالقها ... تدعو بطول بقاء لابن باديس
ولو أن ابن الرومي قصد مدح الورد بقوله:
يا مادح الورد ما ينفك من غلطه ... أما تأملته في كف ملتقطه
كأنه سرم بغل حين يبرزه ... عند الخراء وباقي الروث في وسطه
فكان غالطا أو جاهلا أو غافلا، بل قال ذلك حين قصد ذمه وأراد تخسيسه. فانظر هذا التشبيه الذي لم يسمع أعجب منه. فلعن الله الشيطان.
وكذلك عبد الله بن المعتز في قوله يصف القمر من أبيات:
وبات كما سر حساده ... إذا رام قربا من النوم شذ
تفرزه سروات البعوض ... في قمر مثل ظهر الجرذ
وقول ابن المعتز في القمر من أبيات:
Halaman 45