ثم أبكاهم دما حين نطق
جعفر البرمكي وأحمد بن جنيد
قال أحمد بن جنيد الإسكافي - وكان أحضر الناس بجعفر البرمكي خص، فكان الناس يقصدونه في حوائجهم إلى جعفر، وإن رقاع الناس كثرت في خف أحمد بن الجنيد فلم تزل إلى أن تهيأ له الخلوة بجعفر -، فقال له: جعلني الله فداءك، قد كثرت رقاع الناس معي وأشغالك كثيرة، وأنت اليوم خال، فإن رأيت أن تنظر فيها، قال له جعفر: على أن تقيم عندي اليوم، فقال: نعم، وصرف دوابه وأقام عنده، فلما تغذوا جاءه بالرقاع، فقال له: هذا وقت راحة فدعنا اليوم، فأمسك عنه وانصرف فلم ينظر في الرقاع، فلما كان بعد أيام خلا به فأذكره، فقال: نعم، على أن تقيم عندي اليوم فأقام عنه، ففعل به مثل الفعل الأول حتى فعل به ذلك ثلاثا، فلما كان في آخر يوم أذكره، فقال: دعني الساعة، وناما، فانتبه جعفر قبل أحمد بن الجنيد، فقال لخادم له: اذهب إلى خف أحمد فجئني بكل رقعة فيه، ولا يعلمه أحمد، فذهب الغلام وجاء بالرقاع فوقع جعفر فيها عن آخرها بخطه بما أحب أصحابها، ووكد ذلك ثم أمر الغلام أن يردها إلى الخف، فردها، فانتبه أحمد، فلم يقل له فيها شيئا وانصرف بها أياما، قال أحمد بن جنيد لكاتبه: ويحك، هذه الرقاع قد أخلقت خفي، وهذا ليس ينظرها فتصفحها وجدد ما أخلق منها، فأخذها الكاتب فنظر فيها، فوجد الرقاع موقعا عليها بما سأل أصحابها وأكثر، فتعجب من كرمه ونبل أخلاقه، ومن أنه قضى حاجته ولم يعلم بها لئلا يظن أنه اعتد بها عليه.
جود خالد بن برمك
روى الجاحظ قال: كان أصحابنا يقولون لم يكن يرى لجليس خالد بن برمك دارا إلا خالد قد بناها، ولا ضيعة إلا وهو قد اشتراها ولا ولدا إلا وهو اشترى أمه إن كانت أمة، وأمهرها إن كانت حرة، ولا دابة إلا هي من دوابه، وكان خالد البرمكي أول من سمى أهل الاستماحة والاسترفاد الزوار فقال بعض من قصده:
حذا خالد في جوده حذو برمك
فمجد له مستطرف وأثيل
وكانوا بنو الإعدام يدعون قبله
بلفظ على الإعدام فيه دليل
يسمون بالسؤال في كل موطن
Halaman tidak diketahui