الأميرال جليكو قائد الأسطول البريطاني: ولد الأميرال السرجون جليكو قائد الأسطول البريطاني العام في مدينة سوثمبتون بإنكلترا وعمره الآن تسعة وخمسون سنة، وقد كان أبوه مديرا لإحدى شركات الملاحة الكبيرة فكأن ابنه ورث عنه الميل إلى المعيشة فوق البحار، وتوفي والده منذ خمسة أعوام بعدما رأى ابنه قد اعتلى أعظم المناصب وأسماها، وقد تخرج السرجون في مدرسة روتنغهام، ثم قضى مدة يتمرن على الأشغال البحرية في البارجة المدرسية «بريطانيا» ففاز بقصب السبق على أقرانه ونال جوائز عديدة شهدت بنبوغه وتفوقه، ودخل المدرسة البحرية الملكية فنال الأسبقية على سواه ولم يكد يخرج منها ويعين ملازما حتى طلب للخدمة في الأسطول فعين في البارجة «أغينكورت» التي قدمت المياه المصرية إبان الحركة العرابية فشهد جاليكو ما دار حينئذ من المواقع، وفي سنة 1886 كان في البارجة «مونارك» فخاطر بحياته في سبيل إنقاد غرقى باخرة تجارية قرب جبل طارق، ولما وقعت حادثة البارجة فكتوريا التي غرقت في المياه السورية تجاه طرابلس الشام كان جاليكو قائدها طريح الفراش بمرض حمى شديدة؛ فلم يستطع النجاة بنفسه وغاص في اليم وكاد يشرف على الغرق فبادر أحد ضباط البارجة إليه والتقطه من الماء غائبا عن صوابه وعلى آخر رمق من الحياة، وفي سنة 1900 عين الأميرال جاليكو قبطانا مساعدا للأميرال سيمور الذي قاد الأسطول في مياه الشرق الأقصى في أثناء ثورة البوكسر الصينية المشهورة، فوقف وقفة تشهد له بالبسالة والإقدام رغما عن إصابته بجروح بالغة، وفي العام التالي اشتهر أمره وتزوج كريمة السر شارل كايزر من كبار مديري شركات الملاحة، ثم جعل يتدرج متقلبا في المناصب البحرية فعين مساعدا لأميرال الأسطول الأتلانتيكي بين سنتي 1905 و1907 فأميرالا ثانيا في القيادة العامة فأميرالا عاما للأسطول البريطاني، وكان ذلك لما نشبت الحرب، والإنكليز يثقون بالأميرال جليكو ويفتخرون به. •••
مدفع 75 الفرنسوي: لا مشاحة في أن الحرب العظمى كانت حرب ميكانيكيات من غواصة إلى طيارة إلى طوربيد إلى مدفع من طرز 75، أما مدفع ال 75 المشهور فمصنوع في فرنسا ويعرف الفرق بينه وبين المدافع الأخرى كل من شهد صور الحرب التي سمحت الحكومة الفرنسوية للشركات السينماتوغرافية بتصويرها وعرضها على الجمهور، وقد شاهدنا كيفية استعمال المدافع ال 75 في إحدى قاعات السينمتوغراف في مصر، ورأينا القنبلة يدخل بها في مؤخرة ماسورة المدفع، ثم يطلق المدفع فتطرد مؤخرة الماسورة إلى الوراء مترين وتعود إلى مكانها في الحال دون أن تمسها يد أو ينتقل المدفع من مكانه أو يختلف وضع ماسورته، وسر المدفع هو في ارتداد الماسورة المذكورة من زخم قوة انطلاق القنبلة بضغط الزيت والهواء المضغوط فيتسنى للمدفعية حشو الماسورة في الحال بعد رجوعها إلى مركزها السابق، وهو يطلق من 25 إلى 30 قنبلة في الدقيقة، مخترعه الكولونل ديبورت، ولم يخترعه ديبورت هذا إلا بعدما أشار عليه رئيسه الجنرال ماتيو باختراع مدفع ترتد ماسورته إلى الوراء، فأتم ديبورت اختراعه سنة 1894 بعدما عانى أتعابا ومشاق وفي سنة 1897 شاع استعمال هذا المدفع في الجيش الفرنسوي بعدما أجرى فيه الجنرال ديفل تحسينا كثيرا؛ فإنه اخترع له ترسا تقيه النار، وصندوقا لوضع القنابل، وحركة تجعله يطلق في الدقيقة من القنابل ما لا عدد له ، وعلم الجنرال ديلوي الذي كان وقتئذ وزير الحربية أنه لا بد للألمان من بث العيون والأرصاد لتقليد المدفع ال 75 فكان يعرض في المعارض أنموذجا يختلف عن الأنموذج الحقيقي؛ فخدع الألمان بذلك وبقي سر صنع المدفع سرا مكتوما، وقد كان لهذا المدفع شأن كبير في معركة فردون الشهيرة.
وفي ليلة 21 فبراير سنة 1916 أطلق جندي فرنسوي من مدفع 75 مركب على أوتومبيل على البالون تسبلين المسير وكان البالون طائرا فوق مواقع الفرنسويين على بعد ثمانية أميال من بارلدوك، فاخترقت القنبلة جنب البالون وانفجرت فيه فاشتعل الغاز الذي في جوفه، وانتشر اللهب في البالون وأخذ يهبط ببطء وناره تضيء الفضاء، ولما مس الأرض انفجرت قنابله كلها فهرع الناس إليه ووجدوا بين حطامه ثلاثين جثة عارية، ومما يجدر ذكره أن البالون كان طائرا يكافح الريح على ارتفاع ستة آلاف قدم، وقد أطفأ أنواره لكيلا يدع مدافع الفرنسويين تصوب نحوه، ولكن هؤلاء صوبوا الأشعة الكهربائية القوية نحو الفضاء، فلم تلبث أن اهتدت إليه فتمكن المدفعجي «بنايته» من تسديد رمايته وإحكام إطلاقها فجاءت ضربة قاضية على البالون والذين فيه. •••
قال روتر في 13 يناير سنة 1915 حدث في معارك القوقاس أمر من الأمور المضحكة في هذه الحرب؛ فقد أسر القوزاق الروسي نوري بك رئيس أركان حرب الفيلق العثماني الثالث، وكان السلطان قد أرسله ليحقق أسباب انكسار العثمانيين في ساريكميش. •••
يروى عن الإمبراطور غليوم أنه يكره اللون الأحمر كرها شديدا، فلما عزم على زيارة مدينة كوبور أرغم البوليس صاحبة حانوت على رفع لوح عن باب حانوتها عليه اسم المحل ولكنه مدهون باللون الأحمر، ثم جاء الإمبراطور فزار المدينة، ولما عاد إلى برلين أذن البوليس لصاحبة الحانوت بإعادة اللوح إلى مكانه فتأمل. •••
فر جنديان فرنسويان كانا مأسورين في ألمانيا فعادا إلى بلادهما وقصا حكاية هربهما؛ فرويا أنهما بعد أن هربا من معتقلهما في أول الليل شمرا عن ساقيهما وجعلا يطويان الأرض عدوا قاصدين الحدود الفاصلة بين ألمانيا وهولندا، فلما بلغاها وكان ذلك قبل أن يبزغ نور الصباح أبصرا عن بعد شبح جندي ألماني رافعا بندقيته فظناه ديدبانا وانتظرا إلى أن يذهب من مكانه ، ولبثا منتظرين برهة طويلة فما تحرك الديدبان ولا تزحزح من مكانه، قالا ولم نر مناصا من الانقضاض عليه بغتة قبل أن يعلم بأمرنا فدنونا منه وهممنا بالإيقاع به ولكن ما أشد دهشتنا وحيرتنا لما رأينا أن الجندي إنما هو جذع شجرة هذبت على شكل تمثال جندي ونصبت تضليلا وإيهاما للفارين، وقد أيقنا أن الألمان عمدوا إلى هذه الحيلة لأننا أبصرنا تماثيل كثيرة على هذا الشكل نصبت على أبعاد متساوية خدعة للفارين مثلنا. •••
روى جريح إنكليزي من العائدين من الميدان الغربي الحادثة الآتية، قال: كنا صباح يوم في خندقنا وقنابل الأعداء تنهمر على بعد منا فإذا بمركبة نقل للصليب الأحمر مقبلة نحونا مسرعة تتهادى ذات اليمين وذات اليسار، فاستغربنا سيرها المتعرج ولم نكد نحدق فيها حتى أدركنا أن سائقها مقتول وملقى على كرسيه، فعلمنا أن قنبلة انفجرت في أثناء رجوعه فأصابته شظية من شظاياها قتلته، وأفلتت الخيل من يده وجمحت مذعورة لا تلوي على شيء وكانت تنهب الأرض مسرعة إلى جهتنا، ولا يستطيع الجرحى الذين في داخل المركبة تحويل مجراها عنا أو توقيفها؛ فأسرع أحد رجالنا البواسل ووثب فوق الخندق، وانبرى للخيل الجامحة قبل أن تدرك حافة الخندق ببضعة أمتار ولطمها لطمة قوية جعلتها تخفف سيرها، ثم وقفت قبل أن تبلغ حافة الخندق، فكان عمله هذا الذي خاطر فيه بحياته سببا في نجاة عدد من الجرحى الذين كانوا في المركبة من الموت وفي إنقاذ من كان في الخندق من الجنود. •••
سرعة الخاطر: حكى الأميرال بيتي الإنكليزي حكاية بحار من رجال الأسطول حضر ليقدم امتحانا أمام أميرال من أنصار العهد القديم، فأراد أن يمتحن الشاب المرشح لوظيفة ضابط وأن يعرف مقدار حضور ذهنه وقوة ذاكرته؛ ففاجأه بالسؤال الآتي: كيف جئت إلى هنا؟ قال: في أوتومبيل، قال الأميرال: وكم كانت قوتها؟ قال الشاب: 3548، قال الأميرال: موافق ومقبول. وسمع أحد أصدقاء الأميرال بيتي هذه الحكاية، فقال: إنه لشاب عجيب في ذكائه ولكن من يعلم إذا كان صادقا في الجواب.
فقال الأميرال بيتي: كفى دليلا على نبوغه أنه أعطاني النمرة التي خطرت بباله بدون تردد.
مثل أحد المستأجرين أمام محكمة وهو محتدم غيظا مما وجب عليه من الدفع للمؤجر وليس في وسعه أن يدفع، فقال له القاضي: إن المحكمة تؤجلك إلى ثلاثة أشهر.
Halaman tidak diketahui