التاريخ يعيد نفسه: في 11 ديسمبر سنة 1870 أبلغ غمبتا ناظر الحربية والداخلية يومئذ زملاءه في فرنسا أنه يجب ترك باريس والسفر حالا إلى بوردو؛ لأن الألمانيين يضيقون الحصار على العاصمة الفرنسوية، وبعد 44 سنة يوما بيوم، أي في 11 ديسمبر سنة 1914 رأس المسيو بوانكاره أول اجتماع عقده وزراء فرنسا بعد عودتهم من بوردو في هذه الحرب فما أبعد الفرق بين التاريخين في الحربين! •••
جاء في صحف الغرب أن الحكومة الألمانية لم تقترح على الدولة العثمانية توقيع معاهدة حربية معها ولم تعدها بإشراكها في خمس الغرامة الحربية التي ستقبضها من الحلفاء إلا في أوائل شهر ديسمبر سنة 1914، أي بعد مرور أربعة شهور على حربها وشهرين على الحرب التركية، فكأن المانيا لما وثقت بفشلها وبأنها سوف لا تقبض شيئا أشركت تركيا معها، فأشبهت بعملها ذلك الشاعر الذي أشرك رفيقا له في هبة كان يشك في أخذها من الأمير صلة على قصيدة، فلما دخل على الأمير وتلا قصيدته على مسامعه أمر بجلده 50 جلدة فلما وصل إلى نصف هذا العدد أمر الشاعر الضارب بالوقوف، وقال له لي شريك في الباب بنصف القيمة فنفذوا فيه عهد الشركة . •••
من لطيف ما روته سيدة فرنسوية هربت من دوي أن الحكومة الألمانية منعت أفراد الجنود من المبيت في المنازل وخصصت هذه المنحة بالضباط فقط؛ وسبب ذلك أن بعض السكان كانوا يغتنمون فرصة نوم الجنود عندهم فينهضون ليلا ويرتدون ملابسهم العسكرية ويلجئون إلى الفرار تاركين الدار تنعي من بناها، فكانت نتيجة ذلك أن منعت الهيئة العسكرية الجنود المبيت في غير الثكنات. •••
من الممازحات المستكرهة الممازحة الآتية: فقد روت الصحف أن جوزف كمف القصاب في بلدة فريت من أعمال بلاد الألزاس خاطب بعض إخوانه ممازحا قائلا لهم: «بعد ثلاثة أشهر سننتقل إلى الجمهورية أو ستنتقل الجمهورية إلينا.» وفي ذات اليوم الذي فاه به بهذه الممازحة ألقى البوليس الألماني القبض عليه وحكم عليه عرفيا بالسجن ثلاثة شهور مقابل شهوره الثلاثة التي ضربها لموعد الانتقال. •••
ويلسن والألمان: أصبح الدكتور ويلسن في هذه الحرب أشهر من نار على علم والذي زاد في شهرته وضعه للأربعة عشر بندا أساسا للبناء الذي رغب في تشييده لقيام الممالك بعد الحرب، ومعروف ما كان من أمرها، وقد تفنن الهزليون في تمثيل ويلسن غير أن من أحسن هذه الصور الهزلية ما وضعته إحدى الجرائد الألمانية ممثلة ويلسن ماثلا أمام عرش الرب فسأله الرب: يا ويلسن ماذا صنعت ببنودك الأربعة عشر؟ فأجاب ويلسن: لا تحاسبني يا رب لئلا يطول الحساب، إننا لم نحفل بوصاياك العشر فكيف يحفل الناس ببنودي؟ •••
كليمنسو والجزويت: بعد عقد الهدنة انفرد المسيو كليمنسو إلى دار له في باريس للاستراحة من متاعب السياسة وكانت داره محاذية لدير للآباء اليسوعيين وإلى جانب الدير شجرة باسقة الأغصان مترامية الأطراف تفيء على دار المسيو كليمنسو فتمنع عنها أشعة الشمس فرأى كليمنسو أن يطلب من رئيس الدير قطع الأغصان المتطرفة فذهب إليه يوما، وقال له ممازحا: يا حضرة الرئيس: أرى أن أغصان الشجرة هذه تمنعني من رؤية وجه السماء فإذا قطعتموها تبينتها.
فأجابه الرئيس قائلا: أما القطع فلا بأس منه لكن أن تتبينوا وجه السماء فهذا ما لا أكفله.
فابتسم المتكلمان وانصرف كليمنسو إلى داره فإذا الأغصان التي كانت تضايقه قد قطعت من أصولها. •••
اتفق الألمان والإنكليز في بعض الجهات من خط القتال على هدنة يوم عيد الميلاد، ثم خرج الفريقان ولعبا بالكرة وجرت بعض الزيارات بين ضباطهما، ولما انتهى يوم العيد عاد القتال أشد مما كان. •••
لويد جورج وبريان: على إثر عقد الهدنة جاء المستر لويد جورج إلى باريس فقابل المسيو بريان، ثم ذهبا معا إلى تناول الغداء في أحد المطاعم، ولما انتهيا مرا بميدان قائم فيه تمثال ستراسبورج فالتفت لويد جورج إلى بريان وأشار له إلى التمثال وقال: مساكين الألمان؛ فإني إذا ذهبت يوما إلى برلين ورأيت الألمان قد نصبوا تمثالا لستراسبورج وغطوه بالسواد فلا أتمالك من الحزن على ما صاروا إليه.
Halaman tidak diketahui