باب الأفعال
مسألة
(في أمس وغد واليوم)
القول في " أمس " و" غد " و" اليوم " أن الأيام لما كانت متماثلة من حيث كان كل واحد منها عبارة عن جملة من حركات الفلك، والحركات متماثلة بأنفسها لا يتميز يوم من يوم بصفة نفسية، إذ المثلان مشتركان في جميع صفات النفس، ولا بصفة معنوية لأن الصفة المعنوية لا تقوم بالحركة ولا بعرض من الأعراض، لأن المعنى لا يقوم بالمعنى، لم يبق إلا تمييزها بالأعداد، ولذلك جعلوا أسماء أيام الأسبوع مأخذوة من العدد، كقولهم: الاثنين، والثلاثاء، والأربعاء، ونحو ذلك، أو بالأحداث الكائنة فيها
نحو قولك: " اليوم (الذي خرج فيه زيد)، فخصصته بما قارنه من الفعل) الذي هو حركة للفاعلين، كما أن الزمان حركة للفلك، وكل واحد منهما حادث يتخصص بمقارنة صاحبه، أيهما كان أعرف عند المخاطب كان وقتًا للآخر مخصصا له، فإذا ثبت ذلك فأقرب الأيام إليك يومك الذي أنت فيه، فيقال: " فعلته في اليوم الذي فرط قبل هذا اليوم الذي نحن فيه ".
ويقال في غد نحو ذلك.
فاقتضى إيثار الإيجاز والاختصار أن يوضع له اسم، وأن يشتق له من أقرب
ساعة منه إلى يومك، ثم ينسحب معناه على اليوم كله، كما يقال في العبد: (رقبة) فينسحب معنى الرقبة على الجملة، وهو في الأصل عبارة عن البعض، ورب شيء هكذا.
وكذلك (غد) جعل له اسم يترجم به عن جميعه، وهو مشتق من أقرب ساعة
1 / 88