فإن قيل: ما الحكمة في اختيار " النون " الساكنة لهذا المعنى دون سائر
الحروف؟
فالجواب: أن الأصل في الدلالة على المعاني الطارئة على الأسماء حروف
المد واللين، وأبعاضها - وهي الحركات - متى قدر عليها فهي أخف من غيرها، ومتى لم يمكن كان أشبه الحروف بها وأقربها إليها أولى بذلك مما هو أبعد منها.
وأواخر الأسماء المعربة قد لحقتها حركات الإعراب فلا يصح أن يلحقها علامة للانفصال إلا غير الحركات وغير حروف المد واللين، لأن حروف المد واللين هي أنفس الحركات، إلا أنها مدت وطول بها الصوت، على ما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
فإذا لم يمكن الحركة، ولا ما هي بعضها من الحروف، فأشبه الحروف
بحروف المد واللين " النون " الساكنة لخفائها وسكونها، وأنها من حروف الزيادة، وأنهم قد جعلوها من علامات الإعراب في الأمثلة الخمسة، واختيرت علامة لتمكن الاسم، وتنبيها على انفصاله، ولذلك لا نجد فعلًا منونا أبدًا، لاتصاله بفاعله واحتياجه إلى ما بعده.
* * *
مسألة
(في التصغير)
قوله: " تنفرد الأسماء بالتصغير ".
والتصغير عبارة عن تغيير الاسم ليدل على صغر المسمى وقلة أجزائه، إذ
الكبير ما كثرت أجزاؤه، والصغير بعكس ذلك.
فإن قيل: وما الحكمة في أن ضم أوله، وفتح ثانيه، وزيدت فيه ياء ثالثة، وقد كان يمكن في لفظ التصغير دروب من التغيير غير هذا؟
1 / 70