فإنه بناء كالعمل، ألا تراه ينعت على اللفظ كما ينعت المعرب، ولو كان حرف النداء عاملًا لما جاز حذفه وبقاء العمل.
* * *
فصل
(في الحروف الناصبة والجازمة للمضارع)
فإن قيل: ما بال الحروف الناصبة للأفعال المضارعة والجازمة لها قد عملت
في الأفعال، والفعل مع فاعله جملة قد عمل بعضها في بعض؟
ثم إن الفعل المضارع قبل دخول العامل عليه كان مرفوعًا، ورفعه - لا شك - بعامل، وذلك العامل - في قولهم - هو وقوعه موقع الاسم، فهلا منع هذا العامل هذه الحروف الداخلة من العمل، كما منع العامل - الذي هو الابئداء - الحروف الداخلة على الجملة من العمل، إلا أن يخشى انقطاع الجملة كما خيف في " أن " وأخواتها؟
فالجواب من وجهين:
أحدهما أن العامل في المبتدأ - وإن كان معنوياَ - كما
أن الرافع للفعل المضارع معنوي، لكنه أقوى منه، لأن حق كل مخبر عنه أن يكون مرفوعاَ لفظًا وحسًّا كما أنه مرفوع معنى وعقلًا، ولذلك استحق الفاعل الرفع دون المفعول، لأنه المحدث عنه بالفعل، فهو أرفع رتبة من المفعول في المعنى، فوجب أن يكون في اللفظ كذلك، لأن تابع للمعنى.
وأما رفع الفعل المضارع فلوقوعه موقع الاسم المخبر به والاسم التابع له فلم يقو قوته في استحقاق الرفع، فلم يمنع شيئًا من الحروف اللفظية عن العمل، إذ اللفظي أقوى من المعنوي، وامتنع ذلك في
1 / 62