فيديت: فعل مأخوذ من مصدر لا محالة والمصدر صفة لموصوف، ولذلك
مدح سبحانه بالأيدي مقرونة مع الأبصار في قوله تعالى:
(الأيدي والأبصار) .
ولم يمدحهم بالجوارح لأن المدح لا يتعلق إلا بالصفات لا بالجواهر.
وإذا ثبت هذا فصح قول أبي الحسن الأشعري: أن (اليد) من قوله:
(وخلق آدم بيده)، ومن قوله تعالى: (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ)، صفة ورد بها الشرع، ولم يقل إنها في معنى القدرة كما قال المتأخرون من أصحابه، ولا في معنى (النعمة)، ولا قطع بشيء من التأويلات تحرزًا منه لمخالفة السلف، وقطع بأنها صفة تحرزًا منه عن مذاهب أهل التشبيه والتجسيم.
فإن قيل: وكيف خوطبوا بما لا يفهمون ولا يستعملون، إذ اليد بمعنى الصفة
لا يفهم معناه؟
قلنا: ليس الأمر كذلك، بل كان معناها مفهومًا عند القوم الذين نزل القرآن بلغتهم، ولذلك لم يستفت أحد من المؤمنين رسول الله ﷺ عن معناها، ولا خاف على نفسه توهم التشبيه، ولا احتاج مع فهمه إلى شرح وتنبيه.