المقتول؟ قال لآنه كان حريصا على قتل صاحبه". وفي رواية: "لأنه أراد قتل صاحبه" فأخبر بأن العبد يؤاخذ بالإرادة وهي فعل (القلب)، وقد أجاب بعضهم عنه بأن الذي برز للقتال فعل إشهار السلاح ومحاولة القتل بالدفع والضرب فقد وقع منه الفعل فيؤاخذ بما وقع من فعله لا بما أخفى من اعتقاده، وهذا يرده قوله: "لأنه أراد قتل صاحبه" فعلق العقوبة على الإرادة وهي من أفعال القلوب، وليست من أفعال الجوارح. والصحيح في الاعتقاد من ذلك كله أن للخواطر على القلب اضطرابا وهي الوسوسة قال الشاعر (الأعشى):
(تسمع) للحلي وسوسا إذا انصرفت ... كما استعان بريح عشرق زجل
فهذه حالة أولى لابد للقلب منها. ثم تطرأ عليه حالة ثانية وهي التياح بعض الخواطر من بين جملتها إن كان خيرا أو هجومه في حالة واحدة إن كان شرا فذلك الهم تكتب له الأولى ولا يكتب عليه الثاني (بفضل الله وبرحمته وبه فلتفرحوا فذلكم خير لكم مما تظنون)، ثم تطرأ على القلب حالة ثالثة وهي حذف جميع الخواطر إلا واحدا وتلك هي الإرادة، فإن انقطعت عوارضها جملة صارت نية مأخوذة من النوى وهو البعد، وذلك هو الإخلاص لتجردها عن عوارضها وبعدها عن عوائقها وهو المراد بقوله تعالى: ﴿وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء﴾ وقوله تعالى: ﴿فادعوا الله مخلصين له الدين﴾ ولا يمتنعان يغفر الله لعبده بعض ذلك من اعتقاده بمقاساة من السموم والأوصاب كما
2 / 36