بن الخطاب ﵁: رأيت امرأة فعشقتها، فقال عمر: ذلك مما لا يملك. وقال ابن طاووس في قوله تعالى: (وخلق الإنسان ضعيفا) [النساء: ٢٨] أي: إذا نظر إلى السماء لم يصبر. ومن هذا ظهر أن عذلهم في هذه الحال بمنزلة عذل المريض في مرضه. وذهب جماعة من الأطباء وغيرهم إلى أنه اختياري، والإنسان هو المختار فيه بتسليط فكرته في بحار سكرا ته، والمحبة إرادة قوية، والعبد يحمد ويذم على إرادته، إن خيرا فخيرا، وإن شرا فشرا، وقد ذم الله تعالى الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، وأخبر أن عذابهم أليم، ولو كانت المحبة لا تملك لم يتوعدوهم بالعذاب على ما لا يدخل تحت قدرتهم، ومنه قوله تعالى: (ونهى النفس عن الهوى) [النازعات: ٤٠] ومحال أن ينهي الإنسان نفسه عما يدخل تحت قدرته. والقول الصحيح الذي ليس فيه رد، ولا عن محبوبه صد، التفصيل في ذلك، وهو أن العشق يختلف باختلاف ما جبل الإنسان عليه من اللطافة ورقة الحاشية، وغلظ الكبد، وقساوة القلب، ونفور الطباع وغير ذلك، فمنهم من إذا رأى الصورة الحسنة مات من شدة ما يرد على قلبه من الدهش، كما تقدم في حق النسوة اللاتي متن لما رأين يوسف ﵇. وقد كان مصعب بن الزبير إذا رأته المرأة حاضت لحسنه، ومنهم من إذا رأى المليح سقط من قامته، ولم يعرف نعله من عمامته، فهذا وأمثاله عشقه اضطراري، والمخالفة فيه مكابرة في المحسوس. ومنهم من يكون أول عشقه الاستحسان للشخص، ثم تحدث له إرادة القرب
1 / 19