تُعْزَى إِلَى وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ السَّبْعَةِ وَيُطْلَقُ عَلَيْهَا لَفْظُ الصِّحَّةِ وَإِنْ هَكَذَا أُنْزِلَتْ، إِلَّا إِذَا دَخَلَتْ فِي ذَلِكَ الضَّابِطِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَنْفَرِدُ بِنَقْلِهَا مُصَنِّفٌ عَنْ غَيْرِهِ، وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِنَقْلِهَا عَنْهُمْ، بَلْ إِنْ نُقِلَتْ عَنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الْقُرَّاءِ فَذَلِكَ لَا يُخْرِجُهَا عَنِ الصِّحَّةِ، فَإِنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى اسْتِجْمَاعِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ لَا عَمَّنْ تُنْسَبُ إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْقِرَاءَاتِ الْمَنْسُوبَةَ إِلَى كُلِّ قَارِئٍ مِنَ السَّبْعَةِ وَغَيْرِهِمْ مُنْقَسِمَةٌ إِلَى الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ وَالشَّاذِّ، غَيْرَ أَنَّ هَؤُلَاءِ السَّبْعَةَ لِشُهْرَتِهِمْ وَكَثْرَةِ الصَّحِيحِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ فِي قِرَاءَتِهِمْ تَرْكَنُ النَّفْسُ إِلَى مَا نُقِلَ عَنْهُمْ فَوْقَ مَا يُنْقَلُ عَنْ غَيْرِهِمْ.
(قُلْتُ): وَقَوْلُنَا فِي الضَّابِطِ وَلَوْ بِوَجْهٍ نُرِيدُ بِهِ وَجْهًا مِنْ وُجُوهِ النَّحْوِ، سَوَاءٌ كَانَ أَفْصَحَ أَمْ فَصِيحًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ، أَمْ مُخْتَلَفًا فِيهِ اخْتِلَافًا لَا يَضُرُّ مِثْلُهُ إِذَا كَانَتِ الْقِرَاءَةُ مِمَّا شَاعَ وَذَاعَ وَتَلَقَّاهُ الْأَئِمَّةُ بِالْإِسْنَادِ الصَّحِيحِ، إِذْ هُوَ الْأَصْلُ الْأَعْظَمُ وَالرُّكْنُ الْأَقْوَمُ، وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ فِي رُكْنِ مُوَافَقَةِ الْعَرَبِيَّةِ، فَكَمْ مِنْ قِرَاءَةٍ أَنْكَرَهَا بَعْضُ أَهْلِ النَّحْوِ أَوْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَلَمْ يُعْتَبَرْ إِنْكَارُهُمْ، بَلْ أَجَمَعَ الْأَئِمَّةُ الْمُقْتَدَى بِهِمْ مِنَ السَّلَفِ عَلَى قَبُولِهَا كَإِسْكَانِ (بَارِئْكُمْ) وَ(يَأْمُرْكُمْ) وَنَحْوِهِ، وَ(سَبَأْ) وَ(يَا بُنَيْ)، (وَمَكْرَ السَّيِّئْ) وَ(نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) فِي الْأَنْبِيَاءِ، وَالْجَمْعِ بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ فِي تَاءَاتِ الْبَزِّيِّ وَإِدْغَامِ أَبِي عَمْرٍو (وَاسْطَّاعُوا) لِحَمْزَةَ وَإِسْكَانِ (نِعْمَّا وَيَهْدِّي)، وَإِشْبَاعِ الْيَاءِ فِي (نَرْتَعِي، وَيَتَّقِي وَيَصْبِرْ) وَ(أَفْئِيدَةٌ مِنَ النَّاسِ)، وَضَمِّ الْمَلَائِكَةُ اسْجُدُوا، وَنَصْبِ (كُنْ فَيَكُونَ)، وَخَفْضِ (وَالْأَرْحَامِ)، وَنَصْبِ (لِيُجْزَى قَوْمًا)، وَالْفَصْلِ بَيْنَ الْمُضَافَيْنِ فِي الْأَنْعَامِ، وَهَمْزِ (سَأْقَيْهَا)، وَوَصْلِ (وَإِنَّ الْيَاسَ)، وَأَلِفِ (إِنَّ هَذَانِ)، وَتَخْفِيفِ (وَلَا تَتَّبِعَانِ)، وَقِرَاءَةِ (لَيْكَةَ) فِي الشُّعَرَاءِ وَ" ص " وَغَيْرِ ذَلِكَ.
(قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ) فِي كِتَابِهِ " جَامِعِ الْبَيَانِ " بَعْدَ ذِكْرِ إِسْكَانِ (بَارِئِكُمْ) وَ(يَأْمُرُكُمْ) لِأَبِي عَمْرٍو وَحِكَايَةِ إِنْكَارِ سِيبَوَيْهِ لَهُ فَقَالَ أَعْنِي الدَّانِيَّ: وَالْإِسْكَانُ أَصَحُّ فِي النَّقْلِ وَأَكْثَرُ فِي الْأَدَاءِ وَهُوَ الَّذِي أَخْتَارُهُ وَآخُذُ بِهِ، ثُمَّ لَمَّا ذَكَرَ نُصُوصَ رُوَاتِهِ قَالَ: وَأَئِمَّةُ الْقُرَّاءِ لَا تَعْمَلُ فِي شَيْءٍ مِنْ حُرُوفِ الْقُرْآنِ عَلَى الْأَفْشَى فِي اللُّغَةِ
1 / 10