Pembangunan Hak Asasi Manusia: Suatu Tinjauan Sejarah
نشأة حقوق الإنسان: لمحة تاريخية
Genre-genre
غني عن القول أن حقوق الإنسان ما زال قبولها أيسر من تطبيقها؛ فالفيض الهائل من المؤتمرات والاتفاقيات الدولية من أجل مناهضة القتل الجماعي، والرق، والتعذيب، والعنصرية، ومن أجل حماية المرأة والأطفال والأقليات، يدل على أن حقوق الإنسان لا تزال في حاجة إلى إنقاذ. تبنت الأمم المتحدة «الاتفاقية التكميلية لإبطال الرق وتجارة الرقيق والنظم والممارسات الشبيهة بالرق» في عام 1956، ومع ذلك يقدر عدد الرقيق في العالم اليوم بسبعة وعشرين مليون عبد. كما أقرت الأمم المتحدة «اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة» في عام 1984؛ لأن التعذيب لم يختف عندما ألغيت أشكاله القضائية في القرن الثامن عشر، فبدلا من استخدام التعذيب في منظومة مجازة قانونا، انتقل إلى الغرف السرية وغير السرية للشرطة والقوات العسكرية في الدولة المعاصرة. أجازت النازية استخدام «الاستجواب الصارم» مع الشيوعيين، وشهود يهوه، والمخربين، والارهابيين، والمعارضين، و«العناصر المعادية للمجتمع»، والمتشردين من «البولنديين أو السوفييت». لم تعد الفئات هي نفسها بالضبط، غير أن إجراء التعذيب نفسه مستمر؛ في جنوب أفريقيا، وعلى يد الفرنسيين في الجزائر، وفي تشيلي، واليونان، والأرجنتين، والعراق، وعلى يد الأمريكيين في سجن أبو غريب؛ والقائمة طويلة بلا نهاية، ولم يتحقق بعد الأمل في وقف «الأعمال البربرية».
30
حدود التعاطف
ما الذي نستنتجه من عودة التعذيب والتطهير العرقي، والاستخدام المتواصل للاغتصاب باعتباره سلاحا للحرب والاضطهاد المستمر للمرأة، والاتجار الجنسي المتنامي بالأطفال والنساء، وممارسات الرق الباقية حتى يومنا هذا؟ هل خذلتنا حقوق الإنسان بثبوت عدم أهليتها لإنجاز المهمة؟ إن مفارقة البعد والقرب تلعب دورا في عصرنا الحديث؛ فمن ناحية مكن انتشار القراءة والكتابة وتطور الروايات، والصحف، والراديو، والسينما، والتليفزيون، من أن يتعاطف الكثير والكثير من الناس مع أناس لا يعيشون معهم بل يعيشون في ظروف مختلفة، ويمكن لصور الأطفال المتضورين جوعا في بنجلاديش، أو حكايات آلاف القتلى من الرجال والصبيان في سربرنيتشا بالبوسنة، أن تحشد ملايين الناس من أجل إرسال الأموال والسلع، وفي بعض الأحيان الذهاب بأنفسهم لمساعدة أشخاص في أماكن أخرى، أو حث حكوماتهم أو المنظمات الدولية كي تتدخل. ومن ناحية أخرى، تروي الحكايات المستقاة من مصادرها كيف تقاتل الجيران القريبون في رواندا بضراوة بالغة بسبب مسألة العرق، وقتلوا بعضهم بعضا بكل وحشية. هذا العنف البالغ ليس استثنائيا بالمرة أو حديث المنشأ؛ فلطالما حاول اليهود، والمسيحيون، والمسلمون، أن يعللوا سبب قتل قابيل، ابن آدم وحواء، لأخيه هابيل. وفيما مرت السنون على الأعمال الوحشية النازية، بينت الأبحاث الدقيقة أن البشر العاديين، الذين لا يعانون أي اضطرابات نفسية أو قناعات سياسية أو دينية ملتهبة بالحماس الشديد، يمكن استفزازهم في ظروف «مناسبة» ليرتكبوا ما يعرفون أنه قتل جماعي في الأماكن القريبة منهم؛ فالقائمون على التعذيب في الجزائر، والأرجنتين، وسجن أبو غريب، جميعهم كانوا في بادئ الأمر جنودا عاديين، هؤلاء القائمون على التعذيب والقتل هم أناس مثلي ومثلك، وهم عادة ما يعذبون أناسا قريبين منهم لدرجة أنهم يقفون أمامهم مباشرة.
31
وهكذا، في حين وسعت أشكال التواصل الحديثة وسائل التعاطف مع الآخرين، فإنها لم تستطع أن تضمن أن الناس سوف يتصرفون بناء على شعور المشاركة الوجدانية. يمكن اقتفاء أثر التناقض بشأن قوة التعاطف رجوعا إلى منتصف القرن الثامن عشر، وقد عبر عنه حتى أولئك الذين اضطلعوا بشرح آلية عمله. يتأمل آدم سميث في كتابه «نظرية المشاعر الأخلاقية»، ردة فعل «رجل الإنسانية في أوروبا» الذي يتناهى إلى مسامعه نبأ عن وقوع زلزال في الصين مات على إثره مئات الملايين من الناس، يتوقع سميث أن هذا الرجل سيقول كل ما يليق قوله، ثم يمضي لشأنه وكأن شيئا لم يكن. وعلى النقيض، إن علم أنه سوف يفقد خنصره في اليوم التالي، فلن يغمض له جفن طوال الليل. فهل يعني هذا أن ذلك الرجل على استعداد للتضحية بمئات الملايين من الصينين مقابل خنصره؟ كلا، ليس كذلك، كما يؤكد سميث. لكن ما الذي يجعل الإنسان يقاوم هذه الصفقة؟ يؤكد سميث قائلا: «ليست القوة الناعمة للبشرية» هي التي تمكننا من مقاومة المصلحة الشخصية، بل لا بد أنها قوة أكبر؛ قوة الضمير : «العقل، والمبدأ، والضمير، الكامن في الصدور، والإنسان الداخلي، ذلك القاضي الأعظم الحكم على سلوكياتنا.»
32
تشير قائمة سميث التي ترجع إلى عام 1759 - والتي تضم العقل، والمبدأ، والضمير، والإنسان الداخلي - إلى عنصر مهم في الجدل الحالي حول التعاطف. ما الدافع القوي بما يكفي لدفعنا إلى التصرف انطلاقا من مشاعر المشاركة الوجدانية؟ إن التباين الذي يشوب قائمة سميث يدل على أنه عانى هو نفسه شيئا من الصعوبة في إجابة هذا السؤال؛ هل «العقل» معدود مرادفا ل «الضمير، الكامن في الصدور»؟ لقد بدا أن سميث يؤمن - شأنه في ذلك شأن العديد من نشطاء حقوق الإنسان في وقتنا هذا - بأن مزيجا من الابتهالات العقلية لمبادئ الحقوق والمناشدات العاطفية لمشاعر المشاركة الوجدانية يمكن أن يجعل التعاطف فعالا من الناحية الأخلاقية. كان النقاد في ذلك الحين - وكثيرون من النقاد اليوم - سيجيبون بأن شيئا من الاحساس بالواجب الديني الأسمى يحتاج تفعيله كي يفلح التعاطف. من وجهة نظرهم، لا يستطيع البشر التغلب على الميل الفطري الطبيعي إلى عدم الاكتراث أو إلى الشر من تلقاء أنفسهم وبدون مساعدة. أطلق أحد الرؤساء السابقين لنقابة المحامين الأمريكية تعبيرا عن وجهة النظر السائدة هذه فقال: «عندما لا يظهر البشر على صورة الله، عندئذ قد تفقد حقوقهم الأساسية السبب الغيبي الأسمى لوجودها.» إن فكرة المشاركة الإنسانية غير كافية وحدها.
33
يركز آدم سميث على قضية واحدة، في حين أن هناك قضيتين في حقيقة الأمر؛ يعتبر سميث أن التعاطف مع من هم بعيدون عنا من نفس طبقة المشاعر التي نكنها للقريبين منا، مع أنه يعترف بأن ما نتعرض له تعرضا مباشرا أكثر تحفيزا بكثير من المشكلات التي يواجهها من هم بعيدون عنا. إذن القضيتان هما: ما الذي يمكن أن يحفزنا للتصرف بناء على مشاعرنا تجاه البعيدين عنا؟ وما الذي يمكنه أن يسحق مشاعر المشاركة الوجدانية سحقا بحيث نستطيع أن نعذب، أو نشوه، أو حتى نقتل القريبين منا؟ لا بد أن تشتمل المسألة على عناصر البعد والقرب، والمشاعر الإيجابية والسلبية جميعها.
Halaman tidak diketahui