Pembangunan Hak Asasi Manusia: Suatu Tinjauan Sejarah
نشأة حقوق الإنسان: لمحة تاريخية
Genre-genre
5
وعلى الرغم من محدودية جمهور القراء، فإن الأبطال والبطلات العاديين لروايات القرن الثامن عشر، بدءا من «روبنسون كروزو» و«توم جونز» ووصولا إلى «كلاريسا هارلو» و«جولي دي إيتانجيه»، ذاع صيتهم في كل حدب وصوب، بل أحيانا وسط أولئك الذين لا يعرفون القراءة. وفي ذلك الوقت أفسحت شخصيات الطبقة الأرستقراطية أمثال «دون كيشوت» و«أميرة كليف» - التي انتشرت بشدة في روايات القرن السابع عشر - الطريق أمام الخدم والبحارة وفتيات الطبقة الوسطى (فحتى جولي، بوصفها ابنة نبيل سويسري متواضع الشأن، تبدو أقرب إلى الطبقة الوسطى). إن سطوع نجم الرواية في القرن الثامن عشر لم يمر مرور الكرام، بل ربطه الدارسون على مر السنين بالرأسمالية، والطبقة المتوسطة الطموحة، وانتشار منتديات الرأي، وظهور الأسر الصغيرة، والتحول الذي حدث في العلاقة بين الجنسين، بل بظهور القومية أيضا. وأيا كانت أسباب نهضة الرواية، فما يعنيني هو آثارها النفسية وكيف ترتبط ببزوغ حقوق الإنسان.
6
ولكي نفهم كيفية تشجيع فن الرواية على التوحد النفسي، سأركز على ثلاث روايات مؤثرة من الروايات الرسائلية: رواية «جولي» لروسو، وروايتين لسلفه وقدوته - باعترافه هو نفسه - صامويل ريتشاردسون هما: «باميلا» (1740)، و«كلاريسا» (1747-1748). كان من الممكن أن تتناول مناقشتي الرواية في القرن الثامن عشر على وجه العموم، وإذن لكنت أخذت بعين الاعتبار النساء العديدات اللائي كتبن الروايات والشخصيات الذكورية أمثال «توم جونز » أو «تريسترام شاندي» اللذين نالا حظهما من الاهتمام بلا شك، لكنني قررت التركيز على «جولي»، و«باميلا»، و«كلاريسا»، وهي الروايات الثلاث التي كتبها رجال وركزت على أبطال من الإناث، بسبب تأثيرها الثقافي الذي لا جدال فيه. هذه الروايات ليست هي المسئولة وحدها عن التغيرات التي طرأت على التعاطف والتي نقتفي أثرها هنا، ولكن النظر عن كثب لكيفية استقبالها يبين لنا التعلم الجديد للتعاطف أثناء حدوثه. ولكي نفهم ما الذي استجد على «الرواية» - وهي كلمة اقتصر استخدامها على المؤلفين فحسب في النصف الثاني من القرن الثامن عشر - من المفيد أن نرى كيف أثرت روايات معينة على قرائها.
في الرواية الرسائلية، لا توجد وجهة نظر للمؤلف خارج الأحداث وأعلاها (كما حدث لاحقا في الرواية الواقعية في القرن التاسع عشر)؛ فوجهة نظر المؤلف هي نفسها آراء الشخصيات كما اتضحت في خطاباتهم. لقد خلق «محررا» الخطابات - كما أطلق كل من ريتشاردسون وروسو على أنفسهما - حسا واقعيا قويا، ويرجع هذا على وجه التحديد إلى احتجاب حرفتهما الكتابية وسط تبادل الخطابات، مما عزز حس التوحد عند القراء كما لو كانت شخصية الرواية حقيقية وليست من وحي الخيال. وقد علق كثيرون من المعاصرين على هذه التجربة؛ بعضهم بفرح وإعجاب، والبعض الآخر بقلق، بل باشمئزاز.
أثار نشر روايات ريتشاردسون وروسو ردود فعل فورية؛ لم يقتصر هذا على البلد الذي ظهر فيه النص الأصلي لكل رواية. وقد نشر رجل فرنسي مجهول الهوية حينذاك - وبات معلوما الآن أنه كان قسا - خطابا مكونا من اثنتين وأربعين صفحة في عام 1742 وصف فيه تفصيليا الاستقبال «النهم» الذي لاقته الترجمة الفرنسية لرواية «باميلا»، قال فيه: «لا يمكنك أن تدخل إلى منزل من المنازل دون أن تجد فيه باميلا ما.» ومع أنه يدعي أن الرواية يشوبها الكثير من العيوب، فإنه يعترف قائلا: «لقد التهمتها التهاما.» (وقد اتضح لاحقا أن لفظة «الالتهام» هي الاستعارة الأكثر شيوعا عند الإشارة لقراءة هذه الروايات.) وهو يصف مقاومة باميلا لمناغاة السيد «بي»، رب عملها، كما لو كانا شخصين حقيقيين وليسا شخصيتين من وحي الخيال. ثم يجد نفسه مأخوذا في غياهب الحبكة الدرامية؛ فيرتجف متى كانت باميلا في خطر، ويتملكه الغضب الشديد متى تصرفت الشخصيات الأرستقراطية أمثال السيد «بي» بطريقة مشينة منحطة، ويعزز على الدوام اختياره للكلمات وأسلوبه في الحديث حس الانغماس العاطفي الذي تخلقه قراءة الرواية.
7
كانت الرواية المكونة من خطابات تستطيع خلق مؤثرات نفسية أخاذة؛ لأن شكلها الروائي يسر تطور «الشخصية»، أي ذات الشخص الداخلية. فعلى سبيل المثال: تصف باميلا لأمها في أحد خطاباتها الأولى كيف حاول رب عملها أن يغويها، فتقول: ... قبلني مرتين أو ثلاث بلهفة مخيفة، وأخيرا تخلصت من قبضته، وهممت بالخروج من المنزل الصيفي، لكنه جذبني وأوصد الباب. كنت أفضل الموت على الاستسلام له. ثم قال لي: لن أؤذيك يا باميلا، لا تخافي مني. قلت له: لن أمكث. فقال: لن تمكثي أيتها الفاجرة! أما تعلمين إلى من تتحدثين؟ تحررت من كل مخاوفي وكل حدود اللياقة وأجبته: بلى يا سيدي، أعلم، أعلم جيدا! ولسوف أنسى أنني خادمتك متى نسيت شيم السيد النبيل. بكيت وانتحبت بحزن هائل. فقال لي: يا لك من حمقاء فاجرة! هل مسستك بأذى؟ أجبته: أجل يا سيدي، وأي ضرر أبلغ من هذا في الدنيا، لقد علمتني أن أنسى نفسي وما يليق بي، ورفعت الكلفة والفوارق التي وضعها القدر بيني وبينك عندما حططت من قدر نفسك بتهجمك على خادمة فقيرة.
لقد قرأنا الخطاب مع الأم؛ فلا يحول بيننا وبين باميلا راوية، وليست هناك علامات اقتباس، ولا يسعنا إلا أن نتوحد مع باميلا ونعيش معها الإلغاء المحتمل للمسافة الاجتماعية بالإضافة إلى الخطر المحدق باستقلال ذاتها.
8 (انظر الشكل رقم
Halaman tidak diketahui