Permulaan Falsafah Ilmiah
نشأة الفلسفة العلمية
Genre-genre
ولكن لماذا يعد إدخال التدوين الرمزي أمرا له كل هذه الأهمية بالنسبة إلى علم المنطق؟ إن له تقريبا نفس أهمية التدوين الرياضي الجيد. فلنفرض أن أمامك مسألة مثل: «لو كان زيد أصغر خمس سنوات، لكان سنه ضعف سن عمرو عندما كان هذا الأخير أصغر بست سنوات، ولو كان زيد أكبر بتسع سنوات، لكان سنه ثلاثة أضعاف سن عمرو عندما كان هذا الأخير أصغر بأربع سنوات» فإذا حاولت أن تحل هذه المسألة مباشرة بإجراء عمليات الجمع والطرح والبحث في كل حالات «لو»، لوصلت بعد فترة قصيرة إلى نوع من الدوار وكأنك تركب أرجوحة. ولكن لتأخذ بعد ذلك قلما وورقة، وترمز إلى سن زيد بالحرف «س» وإلى سن عمرو بالحرف «ص»، ولتكتب المعادلات الناتجة وتحلها بالطريقة التي تعلمتها في المدرسة الثانوية، وعندئذ ستدرك قيمة أسلوب التدوين الجيد، وينطوي المنطق بدوره على مشكلات مماثلة. فلنتأمل المثال الآتي: «إن من المؤكد أن كليوباترا لم تكن حية في عام 1938 ولم تكن متزوجة من هتلر ولا من موسوليني.» فما الذي تعنيه هذه المجموعة من العبارات؟ إن المنطقي الرياضي يوضح لك كيفية كتابتها بالرموز، ثم يحول التعبير عن طريق عمليات مماثلة لتلك التي تعلمت أن تستخدم بها «س» و«ص»، وينبئك أخيرا بأن الجملة تعني أنه «لو كانت كليوباترا حية في عام 1938 لتزوجت من هتلر أو موسوليني.» وأنا لا أود أن أقول إن التصريح الذي كشفنا عنه ذو أهمية سياسية كبرى، غير أن المثل يوضح فائدة الأسلوب الفني الرمزي. وليس في وسعنا أن نوضح هنا كيفية تطبيق التدوين على مشكلات لها أهمية أعظم، ومع ذلك فمن الواضح أن التدوين على مشكلات لها أهمية أعظم، ومع ذلك فمن الواضح أن التدوين الرمزي يفيد أيضا إذا طبق على صياغة المسائل الفنية في العلوم.
وليس التدوين الرمزي أداة لحل المشكلات فحسب، بل إنه أيضا يوضح المعاني ويزيد من القدرة على ممارسة التفكير المنطقي. وإني لأذكر أن أحد تلاميذي كان قد أصيب في حادث سيارة أثر على مخه تأثيرا بسيطا، فكان يشكو من صعوبة في فهم الجمل المعقدة، فأعطيته تمرينات من النوع الذي أشرت إليه من قبل، واستطاع أن يحلها بمساعدة التدوين الرمزي، وبعد أسبوع أو اثنين أخبرنا أن تفكيره قد طرأ عليه تحسن كبير.
وفضلا عن ذلك فقد وجد المنطق الرمزي ميدانا هاما تطبق نتائجه عليه، هو التحليل النحوي للغة. ذلك لأن النحو الذي تعلمناه في المدارس قد نشأ من المنطق الأرسططالي، وهو لا يصلح للتعبير بدقة عن تركيب اللغة. ولقد أدى عجز أرسطو المؤسف عن الانتقال إلى منطق للعلاقات - أدى بالنحويين إلى الأخذ بالفكرة القائلة أن كل جملة ينبغي أن يكون لها مبتدأ أو خبر، أو فعل وفاعل، وهو تفسير غير كاف بالنسبة إلى عدد كبير من الجمل. صحيح أن الجملة «زيد طويل» فيها مبتدأ هو «زيد» وخبر هو «طويل». ولكن الجملة «زيد أطول من عمرو» فيها اسمان متساويان في أهميتهما، هما «زيد» و«عمرو»، ما دام الخبر، وهو «أطول من» علاقة. وهكذا فإن سوء فهم التراكيب اللغوية، الناشئ عن التمسك بالمنطق الأرسططالي، أدى إلى إلحاق ضرر بالغ بعلم اللغة.
والحق أن التعاون بين المنطقي وعالم اللغة يبشر بخير كثير. مثال ذلك أن طبيعة الصفة والحال وإعراب الأسماء والأفعال والجمل الموصولة وكثير غيرها من السمات اللغوية، تظهر في ضوء جديد عندما ينظر إليها بأعين المنطقي.
2
وأن الدراسة المقارنة للغات المختلفة لتفتح أمامها آفاق جديدة عندما يصبح المحور الذي تدور حوله نظاما محايدا، هو اللغة الرمزية للمنطق، التي تتيح لنا الحكم على مختلف وسائل التعبير في كل لغة على حدة.
ولقد اقتصر حديثي حتى الآن على الفائدة العملية للتدوين الرمزي. ومع ذلك فإن للتدوين الجيد فائدة نظرية أيضا، فهو يتيح للمنطقي كشف وحل مشكلات لم يكن يستطيع أن يدركها من قبل.
لقد أتاح بناء المنطق الرمزي البحث في العلاقات بين المنطق والرياضة من زاوية جديدة. فلماذا يوجد لدينا علمان مجردان للبحث في نواتج الفكر؟ قام برتراند رسل وألفرد نورث وايتهد
A. N. Whitehead
بدراسة هذه المسألة، وتوصلا إلى الإجابة القائلة أن الرياضة والمنطق آخر الأمر شيء واحد، وأن الرياضة ليست إلا فرعا للمنطق وجهت فيه عناية خاصة إلى التطبيقات الكمية. وقد عرضا هذه النتيجة في كتاب ضخم، كتب بأكمله تقريبا بطريقة التدوين الرمزي للمنطق. وكانت الخطوة الحاسمة في البرهان على هذا الرأي هي تعريف رسل للعدد، فقد بين رسل أن الأعداد الصحيحة، وهي 1، 2، 3 ... إلخ، يمكن تعريفها من خلال التصورات الأساسية للمنطق فحسب. ومن الواضح أن مثل هذا البرهان لم يكن من الممكن الإتيان به دون مساعدة من التدوين الرمزي؛ إذ إن لغة الكلمات أشد تشابكا وتداخلا من أن تعبر عن علاقات منطقية تتصف بهذا القدر من التعقيد.
Halaman tidak diketahui