Permulaan Falsafah Ilmiah
نشأة الفلسفة العلمية
Genre-genre
synthesis ).
ويكشف تاريخ الفكر البشري عن أمثلة متعددة لهذا القانون الديالكتيكي. ومن هذه الأمثلة تطور المفاهيم الفلكية للكون ؛ فتصور بطليموس للكون المرتكز حول الأرض، أعقبه تصور كوبرنيكس للكون الذي تتحرك فيه الأرض وتكون فيه الشمس مركزا ثابتا للمجموعة الشمسية. هذان التصوران المتضادان قد تجاوزهما، كما كون «مركبا» منهما؛ تصور أينشتين النسبي الذي يرى أن من الممكن اتخاذ النظام المرتكز حول الأرض والنظام المرتكز حول الشمس تفسيرات مقبولة، إذا تحررا من ادعاء الحركة المطلقة. وهناك مثل آخر يتضح في تطور النظريات الفيزيائية في الضوء، وهي التي انتقلت من نظرية جزيئية إلى نظرية موجية، حتى اتحدت الاثنتان أخيرا في نظرية ثنائية تقول بإمكان تفسير المادة على أنها جزيئات، وعلى أنها موجات في آن واحد (انظر الفصل الحادي عشر). كذلك يمكننا أن ننظر إلى الطريقة العامة التي يسير بها المنهج التجريبي، وهي طريقة المحاولة والخطأ، والنجاح الذي لا يعدو أن يكون محاولة جديدة، على أنها تكرار لا ينتهي للقانون الديالكتيكي. وتدل هذه الأمثلة، فضلا عن ذلك، على أن للقانون الديالكتيكي معنى يتسم بالمرونة؛ فهو لا يعدو أن يكون إطارا مريحا يمكن أن تدمج فيه تطورات تاريخية معينة بعد وقوعها، ولكنه لا يبلغ من الدقة ولا من العمومية ما يتيح استخلاص تنبؤات تاريخية منه، كما أنه لا يمكن أن يستخدم دليلا على صحة نظرية علمية معينة؛ فصحة نظرية أينشتين في الحركة لا يمكن أن تستمد من النمط الديالكتيكي للعملية التاريخية التي أدت إلى وضع هذه النظريات، وإنما ينبغي أن تكون مبنية على أسس مستقلة.
ولو كان هيجل قد اكتفى بوضع القانون الديالكتيكي وضرب أمثلة له بمجموعة كبيرة من المواد التاريخية والفلسفية، لأصبح مؤرخا عظيما، أو عالما كبيرا للتاريخ. ولو كان عالما، لأدرك الحدود التي لا يتعداها قانون الخطوات الثلاثية. والأمثلة العديدة التي لا يسري عليها هذا القانون، والبحث عن الشروط الخاصة اللازمة لانطباقه. غير أنه كان فيلسوفا؛ وبذلك وقع ضحية بحثه عن العمومية واليقين؛ فقد عمم قانونه الديالكتيكي بحيث جعل منه قانونا منطقيا، ووضع مذهبا يكون فيه التناقض كامنا في المنطق، ويدفع الفكر من موقف متطرف إلى الموقف المتطرف المضاد، إن جاز هذا التعبير؛ فتحدث بذلك الحركة الديالكتيكية. فهيجل يقول مثلا: إن القضية «الوردة حمراء» تنطوي على تناقض؛ لأنها تقول عن الشيء الواحد إنه شيئان مختلفان، هما وردة وحمراء. وقد أوضح المناطقة في كثير من الأحيان الخطأ الأولي الكامن في هذا الفهم الذي يخلط بين الانتماء إلى فئة وبين الهوية؛ فالقضية تقول: إن الشيء نفسه ينتمي إلى فئتين مختلفتين، هما فئة الورود وفئة الأشياء الحمراء، وهو أمر لا ينطوي على تناقض، وإنما يقوم التناقض لو أكدنا أن هناك هوية بين الفئتين المختلفتين، غير أن القضية لا تعني هذا. وعن طريق ألاعيب منطقية كهذه، يحاول هيجل أن يثبت أن قانونه الديالكتيكي قانون منطقي يصدق بلا استثناء.
ويصل هيجل، عن طريق الجمع بين تفسيره للقانون الديالكتيكي وبين تصوره للتطور التقدمي للبشر، إلى آراء كتلك التي عرضناها في الفقرة التي استهل بها هذا الكتاب؛ فجوهر الوجود هو العقل، وهو يدفع الوجود من طرف إلى الطرف الآخر، ويجمع بين النقيضين على مستوى أعلى، ثم يبدأ العملية من جديد. وهذه لغة مجازية، غير أن ما يقوله هيجل لا يمكن أن يقال على أي نحو آخر، وإلا لأصبح امتناعه واضحا للعيان، ولو فسرنا رأيه هذا على أنه يعني أن العالم يزداد معقولية على الدوام، أو أن كل الأحداث تخدم غرضا معقولا، لظهر بطلان هذا الرأي بوضوح؛ ذلك لأن التاريخ البشري، وإن يكن ينطوي على اتجاهات تقدم عقلي وأخلاقي، هو ظاهرة أعقد من أن تصنف على مثل هذا الأساس البسيط. ومن ذا الذي يستطيع أن يزعم أن تطور العالم الفيزيائي، أي النظم النجمية مثلا، يتبع مسارا يرضي رغبات العقل البشري، أو يحقق ما قد يعده البشر غاية؟ الواقع أن مصدر جاذبية مذهب هيجل إنما هو لغته الشاذة.
ولقد اتخذ البحث عن توجيهات أخلاقية عند هيجل شكل إسقاط للغايات الأخلاقية على التاريخ؛ فالخير سيصبح حقيقة آخر الأمر، وينبغي أن نسعى إلى الخير لأننا نشارك في عملية التاريخ. وهذا يعني بلغة أقل تعقيدا، أن القضايا المتعلقة بما سيحدث تستمد من قضايا متعلقة بما ينبغي أن يحدث. إن رجل الشارع يسمي هذا تفكيرا مبنيا على التمني
Wishful thinking . أما الفيلسوف فيسميه تفسيرا غائيا للتاريخ. والواقع أنه لا جدوى من محاولة تقديم تحليلي منطقي لمثل هذه الفلسفة، بوصفها وثيقة تشهد بما يحدث للمذهب العقلي حين لا يعود يخضع لسيطرة المنطق، وهي تمثل حالة يؤمن فيها الفيلسوف بأنه إذا كان في استطاعة العقل أن يكتشف قوانين الكون، ففي استطاعة العقل أيضا أن يفرض القوانين على الكون.
وأنى لأشك في أن هيجل كان سيحرز كل شهرته الحاضرة لو لم يكن قد وجد دعامة خارج الفلسفة في المذهب المادي الاقتصادي عند كارل ماركس (1818-1883م)؛ فتطبيق قانون هيجل الديالكتيكي في إطار حركة سياسية قد جعل مذهب هيجل موضوعا لنزاع حاد، ونوقشت الاشتراكية، بين أنصارها وخصومها معا، في ضوء فلسفة هيجل. ومع ذلك فإن ماركس، في مبادئه الأساسية، هو أعظم خصوم هيجل؛ لأنه يرفض أن يشارك هيجل اعتقاده البدائي بقوة العقل. فذلك الرجل الذي فسر الحركات الأيديولوجية على أنها نتائج لأحوال اقتصادية، ودعا إلى الصراع الطبقي بوصفه الخطوة اللازمة لتحقيق التقدم، لم يكن مثاليا. والحق أن موقف ماركس التاريخي إنما هو في اتجاه التجريبية، ليس فقط لأن ماركس تأثر بقوة بالتجريبيين الإنجليز من أمثال ركاردو
Ricardo ، بل أيضا لأن قانون هيجل الديالكتيكي لا يمكن إدماجه في بحثه الاجتماعي بطريقة متسقة إلا إذا فهم على أنه قانون تجريبي. ولا شك أن الصورة التي نكونها لتاريخ المذهب التجريبي الاجتماعي كانت تغدو أوضح بكثير لو كان ماركس ذاته قد اعترف بهذه الحقيقة.
فإذا شئنا أن نفهم لماذا لم ينشق ماركس بوضوح على ميتافيزيقا هيجل، فعلينا أن نبحث عن تفسير نفسي؛ فقد توسع في تفسيره الاقتصادي للتاريخ بحيث أصبح حتمية اقتصادية، وربما كان قد احتاج إلى روابط تجمع بينه وبين فلسفة مثالية؛ لكي تكون فيها دعامة لمذهبه الذي ينظر إلى التطورات التاريخية على أنها تتحدد بدقة بقوانين اقتصادية، بنفس الطريقة التي يتحدد بها مجرى الكواكب بقوانين فيزيائية، غير أن الأحوال الاقتصادية ليست إلا عاملا يسهم في التطورات التاريخية، وهناك عامل آخر هو العامل النفسي، بل إن الاثنين معا لا يمكنهما أن يمدانا بأكثر من قوانين إحصائية لتطور المجتمع البشري. ولقد تخلى ماركس عن مبادئ النزعة التجريبية حين نظر إلى عامل من العوامل التي تسهم في إحداث التطور، على أنه هو السبب الوحيد لهذا التطور. ولا يمكن أن يغفل الطابع الإحصائي البحت للقوانين الاجتماعية إلا مفكر ذو نزعة عقلية قبلية
apriorist ؛ إذ إن التجريبي يعلم أن من المستحيل أن يمحى عنصر الاتفاق تماما من الحوادث التاريخية، وأن هذا العنصر يؤدي إلى استبعاد القابلية الدقيقة للتنبؤ، حتى بالنسبة إلى الاتجاهات التاريخية الكبرى. والواقع أن الإيمان المتعصب للماركسيين بالتنبؤات الاقتصادية لفيلسوفهم، وهو الإيمان الذي هو أشبه بالعقيدة منه بالنظرة العلمية، إنما هو إحياء للهيجلية؛ أي لفلسفة تضع الحدوس الأولية قبل الأدلة التجريبية.
Halaman tidak diketahui