تمهيد:
نشأت اللغة العربية في أحضان جزيرة العرب خالصة لأبنائها مذ ولدت نقية سليمة مما يشينها من أدران اللغات الأخرى.
لبثت كذلك أحقابا مديدة كان العرب فيها يغدون ويروحون داخل بلادهم على ما هم عليه من شظف العيش، غير متطلعين إلى نعيم الحياة وزخارفها فيما حولهم من بلاد فارس والروم وغيرها، وإن دفعتهم الحاجة إليها حينا، وتبادل المنافع حينا آخر.
على أنه كان في أسواقهم الكثيرة التي تقام بينهم طوال العام غناء أي غناء في عيشتهم البدوية القانعة، ومن أشهرها عكاظ "بين نخلة والطائف" كانت تقام شهر شوال١، وبعده مجنة "بمر الظهران" من أول ذي القعدة إلى عشرين، وبعده ذو المجاز "خلف عرفة" إلى أيام الحج.
ولقد كان في هذه الأسواق فوق ما تضمه من مرافق الحياة ومتطلبات المعيشة منتديات للأدب، يعقدون فيها المجامع ذات الشأن يتبارى فيها مداره الخطباء٢، ومفوهو الشعراء من القبائل المتنائية الأصقاع، يعرضون فيها مفاخراتهم ومنافراتهم ومعاظماتهم وكل ما يعن لهم في جيد الخطب وبديع الشعر٣.