هي كلمة أراها كل يوم وإلى جانبها علامة استفهام كبيرة لا تبرح ملازمة لفكري ولأفكار الكثيرين ...
إدارات عظيمة ضاعت فيها المسئولية، ولنا على هذا في كل يوم ألف دليل، وحاكم - رافقه عفو الله حيث هو - لا يدري من يتبع وكيف يسير، طائفيات تتطاحن، وزعماء يبهرون البسطاء بجيوش لهم وهمية، جيوش من الأتباع لرنة الطائفية يطربون، أو بالوعود يتبلغون، وأحزاب فردية ألفت حكم الإقطاع، وأسه احتيال الفرد المنبوذ من السلطة للوصول إلى ذروة بفعل ما ينصب من الحبائل، ومفوضية - وقاها الله ووقانا من سوء المظنة - تسن من الخطط ما تحسبه آية الله في العصمة، وتدفعها إلى الحاكم فيطبقها وسط هذه الفوضى، فوضى الطائفية، والزعامة الوهمية، والنزعات الفردية.
تحاملا مرا يسمع المرء أين ذهب، وتبرما من عسر اقتصادي، ومن موات في صناعة وطنية قتلها نفوذ المصنوعات الغربية، وتحسر على الخسارة فيما تقتله الريجي والمكوس والأجور، وهنالك غيرة قاتلة تمتلك قلوب العاجزين عن الوصول إلى حقهم، كل هذه عوامل تؤثر في الشعب فيتحول تبرمه من انتقاد إلى تهكم، إلى عبث بالأنظمة، إلى تطاول على سلطة يرى فيها العجز والإهمال.
في قرية من قرى البقاع مأمور نشيط شهد له بمزايا وفضائل ندر أن اجتمعت في رجل. سار هذا المأمور إلى حانوت رجل دأبه العبث بالنظام، وفرض عليه ما يقضي به القانون، فثار غضب الرجل وأقسم أن ينتقم، ومضت أيام قلائل فإذا بالقرية تفاجأ بنقل الموظف إلى أردأ مركز في لبنان الكبير. هذا وصاحب الحانوت يفخر أن نسيبا له في خدمة موظف كبير سعى لدى سيده فكان ما كان.
مهما يكن في كلام الرجل من دعوى قد تكون كاذبة وقد لا تكون، فقد صدق أهل تلك البقاع أن حظوظهم وحظوظ سائر الناس هي قيد غضب الطباخين والحجاب ... وكيف لا يصدقون وقد لمسوا الدليل؟
يخطئ زيد إلى النظام أو لا يخطئ فتدسه السعاية في السجن - كذا كانت الحال منذ أيام - فتأخذ أوراقه بالتنقل من دائرة غير مسئولة إلى دائرة غير مسئولة، ويظل هو وذووه أسرى العذاب ما شاءت السعاية وشاء الإهمال، ويعتبر سواه بما أصابه فيهرب من وجه الحكومة إذا هي طلبته، وإذ يطارده رجالها يعتصم بالجبال، ثم يجوع فيعمد إلى سلب الناس، وبينما هو يسرق ليأكل يسمع إطلاق نار، فتهب الحياة فيه مدافعة عن نفسها، وفي دقيقة يصبح القروي الآمن مجرما.
فمن المسئول؟
المفوضية غير مسئولة؛ لأنها لا تدري.
والحاكم غير مسئول؛ لأنه يسير في الظلمة.
والشعب غير مسئول؛ لأنه مكبل بسلاسل العصور الخوالي.
Halaman tidak diketahui