Narrations on the Virtues of Ali ibn Abi Talib in Al-Mustadrak
مرويات فضائل علي بن أبي طالب في المستدرك
Penyiasat
أحمد بن إبراهيم الجابري
Penerbit
،وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٣٥ هـ - ٢٠١٤ م
Lokasi Penerbit
الكويت
Genre-genre
إدارة الثقافة الإسلامية
وزراة الأوقاف والشؤون الإسلامية
دولة الكويت
بحثٌ في
مَرْويَّات فضائل عليِّ بن أبي طالبٍ ﵁
في مُستَدرَك الحاكِم
دراسة حَديثيَّة
جَمَعه وحقَّقه وعلَّق عليه
أحمد بن إبراهيم الجابري
1 / 1
بسم الله الرَّحمن الرحيم
المُقدِّمة
الحمد لله وحده ذي الجلال، والصلاة والسلام على خير أنبيائه محمد وصحبه وأزواجه والآل، ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم واتبعهم بإحسان.
أما بعد، فإن أصحاب رسول الله ﵌ هم خير هذه الأمة، وأفضل رجالها، فهم الذين وعوا السنن، وأدّوها ناصحين محسنين، حتى كمل بما نقلوه الدين، وثبتت بهم حجة الله تعالى على المسلمين، ولذلك كانوا خير الناس في هذه الأمة أجمعين. وقد شهد لهم بذلك رسول الله ﷺ وهو الصادق الأمين؛ فقال: «خير أمتي - وفي لفظ: خير الناس -: قَرْني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» (^١). والكلام عن فضلهم طويل، قد أُفردت له كتبٌ ومصنَّفات، ورسائل ومؤلَّفات.
_________
(^١) متفق عليه: أخرجه البخاري (كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد، رقم ٢٦٥١، وكتاب المناقب، باب فضائل أصحاب النبي ﷺ، رقم ٣٦٥٠، وكتاب الرقاق، باب باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها، رقم ٦٤٢٨، وكتاب الأيمان والنذور، باب إثم من لا يفي بالنذر، رقم ٦٦٩٥) ومسلم (كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، رقم ٢٥٣٥) عن عمران بن حصين.
1 / 7
وقد ثبتت عدالة جميعهم بثناء الله ﷿ عليهم، وثناء رسوله ﵊، ولا أعدل ممن ارتضاه الله لصحبة نبيه ونصرته، ولا تزكية أفضل من ذلك، ولا تعديل أكمل منه. قال الله تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ [الفتح: ٢٩]. فهذه صفة من بادر إلى تصديقه والإيمان به، وآزره ونصره، ولصق به وصحبه، وليس كذلك جميع من رآه، ولا جميع من آمن به، فالصحابة ليسوا جميعا في منزلة واحدة من الدين والإيمان، والفضل والتقدم، فالله قد فضَّل بعض النبيين على بعض، وكذلك سائر المسلمين، والحمد لله رب العالمين، وقال ﷿: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ [التوبة: ١٠٠].
وقد اختلف السَّلف في المراد بالسابقين الأولين المذكورين في الآية:
فقال بعضهم: هم الذين صلّوا إلى القبلتين. وقال آخرون: هم الذين بايعوا بيعة الرضوان (^١).
_________
(^١) انظر: تفسير الطبري (١١/ ٦٣٧ - ٦٤٠)، والاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبدالبر (١/ ٢ - ٨).
1 / 8
ومما يدل على مسألة المفاضلة بين الصحابة: قول عبدالله بن عمر: «كنا في زمن النبي ﷺ لا نعدل بأبي بكر أحدا، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي ﷺ، لا نفاضل بينهم» (^١).
وقال الحافظُ ابنُ حَجَر - في معرض كلامه على هذا الأثر -: «وقد تقرر عند أهل السنة قاطبة تقديم بقية العشرة المبشرة على غيرهم، وتقديم أهل بدر على من لم يشهدها، وغير ذلك» (^٢).
فالشاهد من هذه النقولات: أنَّ الصحابة أنفسهم على درجات متفاوتة من الفضل والخير، وأعلاهم مرتبة في ذلك: الخلفاء الأربعة الراشدون المهديون: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفَّان، وعلي بن أبي طالب، ﵃ أجمعين.
ولا يكاد يُعرف عن أحد من هؤلاء الراشدين الأربعة اختلاف الناس فيه، بين غالٍ ومُقصِّر، ومُفْرِط ومُفَرِّط؛ كما عُرف عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ﵁ (^٣)!
_________
(^١) أخرجه البخاري (كتاب المناقب، باب فضل أبي بكر بعد النبي ﷺ، رقم ٣٦٥٥، وباب مناقب عثمان بن عفان، رقم ٣٦٩٧).
(^٢) فتح الباري (٧/ ٥٨).
(^٣) سيأتي تفصيل ذلك بإذن الله في ترجمته ﵁ (ص: ٤٠).
1 / 9
ويُضاف لذلك أيضا: ما ورد في شأنه وفضائله من الأحاديث الكثيرة التي لم ترد لغيره (^١)، ولا يكاد يخلو كتاب من كتب الأحاديث المُسنَدة، السنن، أو الجوامع، يُخصِّص صاحبُه فيه كتابا للحديث عن المناقب؛ من إفراد باب خاص للحديث عن فضائل عليٍّ ومناقبه، وحُقَّ لهم ذلك. وأمَّا المصنَّفات في فضائل الصحابة خاصَّة: فلا تخلو من هذا الباب الهام.
ومن كتب الأحاديث، التي أفرد صاحبها في كتابه كتابا لمعرفة الصحابة ومناقبهم، وبداخله بابا
مفردا للحديث عن عليٍّ بن أبي طالب ﵁ ومناقبه؛ كتاب «المُستَدرَك» لأبي عبدالله الحاكم النيسابوري.
وتظهر أهمية هذه الأحاديث التي في هذا الكتاب: حينما نعلم أن صاحبه إمام من أئمة الحديث (^٢)، كما أنه ألَّف كتابه هذا ليستدرك على الشيخين - البخاري ومسلم - ما فاتهما من الأحاديث الصحيحة، وعلى ذلك: فوجود هذه الأحاديث في كتابه مظنَّة الصحة، لكنَّ الأمر في حقيقته ليس كظاهره!
_________
(^١) انظر الكلام عن هذه العبارة وصحتها ومعناها (ص: ٣٧) من هذا البحث.
(^٢) انظر ثناء العلماء على الحاكم، وشهادتهم له بالإمامة والعلم، في ترجمته (ص: ٥٠) من هذا البحث.
1 / 10
فقد انتُقِد الحاكم كثيرا بسبب هذا الكتاب، ورُمِي بالتساهل في تصحيح أحاديثه، بل نُسب إلى الانحراف عن منهج أهل السنة والجماعة، واتهامه بالرفض، بسبب بعض الأحاديث التي أوردها في مناقب عليٍّ ﵁، حتى قال الذهبي: «ليته لم يُصنِّف المُستَدرَك، فإنه غض من فضائله بسوء تصرفه» (^١).
لهذه الأسباب التي تقدَّمت جميعها، وغيرها؛ عزمتُ على استخراج أحاديث مناقب عليٍّ ﵁ من المُستَدرَك، وتحقيقها، لتبيين صحة حكم الحاكم عليها من خطئه، وتبيين من وافقه ومن خالفه، حتى يكون في ذلك إنصافٌ للحاكم نفسه من جهة، بتبيين أنه في بعض التصحيحات لم ينفرد، بل وافقه بعض من سبقه من الأئمة، فلا لوم عليه في ذلك، ومن جهة أخرى: نذبُّ عن سنة رسول الله ﷺ، بتبيين ما وَهِم فيه الحاكم ﵀ من مخالفة للأئمة في تصحيح ما ليس بصحيح، مُتحريا في ذلك الإنصاف - قدر المُستطاع -، فهو عزيز، كما قال الذهبي (^٢)، والله المستعان.
_________
(^١) تذكرة الحفاظ (٣/ ١٦٦).
(^٢) انظر: سير أعلام النبلاء (١٣/ ١٢٠).
1 / 11
عملي في هذا الكتاب:
* قُمتُ باستخراج الأحاديث المرفوعة في مناقب عليٍّ بن أبي طالب ﵁ الواردة في كتاب المُستَدرَك، ولم أتقيَّد في ذلك بكتاب أو بباب مُعين من كتب وأبواب الكتاب، بل حيثما ورد الحديث في فضل عليٍّ ﵁ استخرجته، ووضعته هنا.
واحترزتُ بقولي «الأحاديث المرفوعة» عن الآثار الموقوفة والمقطوعة، الواردة في المُستَدرَك في فضائله، فهي ليست من موضوع هذا البحث.
* قُمتُ بترتيب هذه الأحاديث على مسانيد الصحابة، ثم رتبتُ هذه المسانيد تبعا لحروف الهجاء.
* وضعت ترقيما تسلسليا لهذه الأحاديث بين قوسين ()، تبعا لموطن ورودها في هذا البحث، يعقب ذلك الترقيم: رقم الحديث وفق ما جاء في كتاب المُستَدرَك، تبعا لطبعة «دار الكتب العلمية».
* قُمتُ بالتعريف برجال الإسناد المذكورين بكناهم، ليستطيع القارئُ الوقوف على أسمائهم.
1 / 12
* لم أقم بالترجمة لرجال الإسناد كلهم، إلا من كانت مرتبته دون الثقات، عندها أذكر درجته، لأنها مؤثرة في الحكم على الحديث، ومن لم أُترجم له: فهو ثقة - إن شاء الله -.
* من كانت مرتبته من هؤلاء الرواة دون الثقات، فهم على قسمين:
أ- قسم ذكره الحافظ ابن حجر في «تقريب التهذيب»، وهؤلاء أيضا على قسمين: قسم وافقته في حكمه عليهم؛ فأكتفي عندها بذكر حكمه. وقسم لم أوافقه في الحكم عليهم؛ فعندها لا أذكر حكمه، بل أذكر الراجح عندي، مؤيدا ذلك الحكم بأقوال أئمة الجرح والتعديل المتقدِّمين.
ب- وقسم لم يذكره الحافظ ابن حجر في كتابه «التقريب»، فهؤلاء أذكر الحكم عليهم من خلال أقوال أئمة الجرح والتعديل، مشيرا إلى مصادر تراجمهم.
* قُمتُ بتخريج الأحاديث المستخرجة بتوسع قدر المستطاع، من خلال المصادر المطبوعة، مراعيا في التخريج المتابعات لرجال إسناد الحاكم، وكذلك مراعيا الترتيب الزمني لوفيات أصحاب الكتب، مقدما الأقدم وفاة على الأحدث. مع تصدير ذلك بالحكم الراجح - عندي - على الحديث.
1 / 13
* إذا كان الحديث موجودا في مصدر من المصادر المذكورة في التخريج، كمصنِّف ابن أبي شيبة - مثلا - ورواه من طريقه صاحب كتاب آخر، كابن أبي عاصم في السنة - مثلا -؛ فإنني لا أذكر المصدر الفرعي، الذي روى الحديث من طريق صاحب المصدر الأصلي المذكور، إلا في حالة من اثنتين:
الأولى: أن يكون صاحب المصدر الفرعي قد اشترط لكتابه الصحة - كابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما، على سبيل المثال -، أو يكون قد خصص كتابه للأحايث الضعيفة والموضوعة - كالموضوعات لابن الجوزي، على سبيل المثال -؛ لأن ذكره هنا يفيد في ترجيح الحكم على الحديث،
صحة أو ضعفا.
الثانية: أن تكون المصادر التي وقفتُ عليها عند تخريج الحديث شحيحة قليلة، فعندها أذكر المصادر الفرعية، لتبيين من أخرج الحديث، وإن كان من طريق صاحب المصدر الأصلي.
* قُمتُ بشرح غريب الحديث، وتبيين معاني الألفاظ الغامضة، من خلال كتب غريب الحديث، وكتب الشروح.
* قُمتُ بالتعليق على الأحاديث التي فيها بعض العبارات المُشكَلَة، أو التي أُسيء فهمها، واستُدلَّ بها في غير موطنها، مُبيِّنا الصواب في ذلك، من خلال نصوص العلماء وأقوالهم.
1 / 14
* ذيَّلتُ هذا البحث بفهرس لأطراف الأحاديث، مُرتَّبا على حروف الهجاء، ثم الفهرس العام للموضوعات، وبين الفهارس وأحاديث الكتاب؛ وضعتُ: جريدة المصادر والمراجع.
* قدَّمتُ لأحاديث الكتاب، والتي تقع في الباب الثاني منه؛ بباب تمهيدي، قسمته على فصلين:
o الفصل الأول: وهو خاص بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وينقسم لمبحثين:
• المبحث الأول: ترجمة موجزة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ﵁، وتشمل الحديث عن:
• اسمه ونسبه.
• كنيته.
• مولده.
• صفته.
• إسلامه.
• أزواجه وأولاده.
• جهاده ونشره للدين.
• علاقته بالخلفاء الراشدين، ومكانته في أيامهم وخلافتهم.
• خلافته، ومبايعة الصحابة له.
1 / 15
• تلخيص لما حدث في معركة الجمل.
• تلخيص لما حدث في معركة صفين.
• تلخيص لما حدث في معركة النهروان.
• مقتله.
• مناقبه.
• المبحث الثاني: اختلاف الفرق فيه، وموقف أهل السنة منه.
o الفصل الثاني: وهو مختص بالحاكم وكتابه «المُستَدرَك»، وينقسم أيضا لمبحثين:
• المبحث الأول: ترجمة الحاكم ﵀، وتشمل الحديث عن:
• اسمه وكنيته.
• شهرته.
• لقبه.
• مولده.
• طلبه للعلم، وجهوده في حفظ السنة.
• وفاته.
• ما أُخِذ عليه.
1 / 16
• المبحث الثاني: التعريف بكتاب «المُستَدرَك»، ويشمل الحديث عن:
• سبب التأليف.
• موضوع الكتاب.
• المنهج الذي سار عليه الحاكم في «المُستَدرَك».
• أقسام أحاديث «المُستَدرَك».
• ما أُلِّف حول «المُستَدرَك».
وبعد هذا: فإني لا أنُزِّه هذا العمل عن الخطأ أو التقصير، فهو لا يعدو جهدا بشريا، يصدق فيه وفي غيره قول الله ﷿: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ٨٢]. وقد أبى الله أن يجعل العصمة لكتاب: إلا لكتابه.
لكن حسبي أني اجتهدت، وأوضحت في أول كلامي عمَّا قصدتُ وأردت، فإن أصبت: فذاك فضل من الله، أحمده عليه، وإن أخطأتُ أو قصرت: فهو من نفسي ومن الشيطان، فأستغفر الله منه.
وخِتامًا: فإني أسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، أن ينفع بهذا الكتاب صاحبه، وناشره، وقارئه، وأن يجعله باب خير وبركة
1 / 17
عليَّ - في الحياة والممات - وعلى سائر المسلمين، وأن يرزقنا الصدق والإخلاص في القول والعمل، والسر والعلن. اللهم آمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه، وسلِّم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
وكتبه:
أحمد بن إبراهيم الجابريّ
E-Mail:
Islamtime@Hotmail.Com.
1 / 18
الباب الأول: تمهيد البحث، ويشتمل على فصلين
الفصل الأول: وهو خاص بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
الفصل الأول: وهو خاص بالحاكم، وكتابه المستدرك.
1 / 19
الفصل الأول، ويشتمل على مبحثين
المبحث الأول: ترجمة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
المبحث الثاني: اختلاف الفِرَقِ في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وموقف أهل السنة منه.
1 / 21
المبحث الأول: تَرْجمةُ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ﵁ (^١)
• اسمُهُ ونَسَبُه:
هو علي بن أبي طالب (^٢) بن عبدالمطلب (^٣) بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
فهو ابن عم رسول الله ﷺ، ويلتقي معه في جده الأول عبد المطلب بن هاشم، ووالده أبو طالب شقيق عبدالله والد النبي ﷺ.
وأُمُّه هي: فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، ﵂، أول هاشمية ولدت هاشميا، وقد أسلمت وهاجرت، وهي التي
_________
(^١) مصادر الترجمة: الطبقات الكبرى لابن سعد (٢/ ٣٣٧ - ٣٤٠)، تاريخ الطبري (٤/ ٤٢٧ - ٥٧٦، ٥/ ١ - ١٥٧)، السيرة النبوية وأخبار الخلفاء لابن حبان (٢/ ٥٢١ - ٥٥٢)، الاستيعاب لابن عبدالبر (٣/ ١٠٨٩ - ١١٣٣)، صفة الصفوة لابن الجوزي (١/ ١١٥ - ١٢٥)، أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير (٤/ ٨٧ - ١١٧)، الرياض النضرة في مناقب العشرة لمحب الدين الطبري (٣/ ١٠٤ - ٢٤١)، تهذيب الأسماء واللغات للنووي (١/ ٣٤٤ - ٣٤٩)، تاريخ الإسلام للذهبي (٣/ ٦٢١ - ٦٥٢)، البداية والنهاية لابن كثير (١٠/ ٤١١ - ٦٨٦، ١١/ ١ - ١٣٠)، الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر (٧/ ٢٧٥ - ٢٨٢)، تاريخ الخلفاء للسيوطي (ص: ١٣٠ - ١٤٦)، أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب للصلَّابي، وغير ذلك من المصادر.
(^٢) قال ابن عبدالبر في الاستيعاب (٣/ ١٠٨٩): واسم أَبِي طالب: عبد مناف، وقيل: اسمه كنيته. والأول أصح. ا. هـ
(^٣) قال ابن عبدالبر في الاستيعاب (٣/ ١٠٨٩): وكان يُقال لعبدالمطلب: شيبة الحمد. ا. هـ
1 / 23
سمَّت عليا: أَسَدًَا عند مولده، وسمته بذلك لاسم أبيها أسد بن هاشم، ويدل على ذلك ارتجازه يوم خيبر، حيث قال:
أنا الذي سمَّتني أُمِّي حَيْدَرَه (^١) كَلَيْثِ غابات كَرِيهِ المَنْظَرَه (^٢)
وكان أبو طالب غائبًا فلما عاد، كره هذا الاسم، وسمَّاه عليًا (^٣).
• كُنْيتُه:
له كنيتان مشهورتان: الأولى: أبو الحسن، نسبة لابنه الأكبر: الحسن بن علي، وهو ابنه من فاطمة ﵂.
والثانية: أبو تراب، وتسميته بها من قِبَل النبي ﷺ، ولها قصة:
يقول سهل بن سعد: «ما كان لعليٍّ اسم أحب إليه من أبي التراب، وإن كان ليفرح إذا دُعِيَ بها»، فقيل لسهل: أخبرنا عن قصته، لم سُمِّيَ أبا تراب؟ قال: «جاء رسول الله ﷺ بيت فاطمة، فلم يجد
_________
(^١) حيدره: من أسماء الأسد.
(^٢) هذا البيت ثابت الإسناد عن علي ﵁، وقد جاء ضمن حديث أخرجه مسلم (كتاب الجهاد والسير، باب غزوة ذي قرد وغيرها، رقم ١٨٠٧) عن سلمة بن الأكوع.
(^٣) الرياض النضرة (٣/ ١٠٧).
1 / 24
عليا في البيت، فقال: «أين ابن عمك؟» فقالت: كان بيني وبينه شيء، فغاضبني فخرج، فلم يَقِلْ (^١) عندي، فقال رسول الله ﷺ لإنسان «انظر، أين هو؟» فجاء فقال: يا رسول الله هو في المسجد راقد، فجاءه رسول الله ﷺ وهو مضطجع، قد سقط رداؤه عن شقه، فأصابه تراب، فجعل رسول الله ﷺ يمسحه عنه ويقول «قم أبا التراب، قم أبا التراب» (^٢).
ويُقال له أيضا: أبو السِّبْطَيْن (الحسن والحسين) (^٣).
•
مَوْلِدُه:
وقع خلاف بين الروايات في تحديد وقت مولده، ففي بعضها: أنه وُلِد قبل البعثة بخمس عشرة أو ست عشرة سنة (^٤)، وفي أخرى: أنه
_________
(^١) من القيلولة، وهي النوم في نصف النهار.
(^٢) متفق عليه: أخرجه البخاري (كتاب الصلاة، باب نوم الرجال في المسجد، رقم ٤٤١، وكتاب المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب، رقم ٣٧٠٣، وكتاب الأدب، باب التكني بأبي تراب وإن كانت له كنية أخرى، رقم ٦٢٠٤، وكتاب الاستئذان، باب القائلة في المسجد، رقم ٦٢٨٠) ومسلم (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب، رقم ٢٤٠٩) واللفظ لمسلم.
(^٣) أسد الغابة (٤/ ٨٧)، تهذيب الأسماء واللغات (١/ ٣٤٤)، تاريخ الخلفاء (ص: ١٣٠).
(^٤) المعجم الكبير للطبراني (١/ رقم ١٦٣).
1 / 25
قبل البعثة بثماني سنين (^١)، وفي ثالثة: أنه قبل البعثة بعشر سنين، وهذا الأخير هو ما ذكره ابن إسحاق (^٢)، ورجَّحه الحافظ ابن حجر (^٣).
وأمَّا عن مكان مولده؛ فيقول الحاكم: «إن الأخبار تواترت بأن عليًا وُلِد في جوف الكعبة» (^٤).
• صِفَتُه:
كان عليٌّ ﵁: شيخًا سمينًا، عظيم البطن، أصلعًا، كثير الشعر، آدم (^٥) شديد الأدمة، ثقيل العينين عظيمهما، أقرب إلى القصر من الطول، عظيم اللحية جدًّا، قد ملأت ما بين منكبيه، أبيض الرأس واللحية، لم يصفه أحد بالخضاب إلا سوادة بن حنظلة؛ فإنه قال: «رأيت عليًا أصفر اللحية»، ويشبه أن يكون قد خضب مرة ثم ترك (^٦).
• إِسْلامُه:
يقول مجاهد بن جبر: «كان من نعمة الله على علي بن أبي طالب، ومما صنع الله له، وأراده به من الخير، أن قريشا أصابتهم أزمة شديدة، وكان
_________
(^١) المصدر السابق (١/ رقم ١٦٢)، الاستيعاب (٣/ ١٠٩٢).
(^٢) السيرة النبوية لابن إسحاق (ص: ١٣٧).
(^٣) فتح الباري (٧/ ١٧٤).
(^٤) المستدرك (٣/ ٥٥٠) هكذا ساقه بلا إسناد، وقال الفاكهي في أخبار مكة (٣/ ١٩٨): وأول من وُلِد في الكعبة من بني هاشم من المهاجرين: علي بن أبي طالب ﵁. ا. هـ
(^٥) أي: أسمر اللون.
(^٦) تاريخ الطبري (٥/ ١٥٣)، الاستيعاب (٣/ ١١١١)، صفة الصفوة (١/ ١١٦)، تاريخ الخلفاء (ص: ١٣٠).
1 / 26
أبو طالب ذا عيال كثير، فقال رسول الله ﷺ للعباس عمه، وكان من أيسر بني هاشم،: «يا عباس: إن أخاك أبا طالب كثير العيال، وقد
أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة، فانطلق بنا إليه، فلنخفف عنه من عياله، آخذ من بنيه رجلا، وتأخذ أنت رجلا، فنكلهما عنه». فقال العباس: نعم. فانطلقا حتى أتيا أبا طالب، فقالا له: إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه، فقال لهما أبو طالب: إذا تركتما لي عقيلا فاصنعا ما شئتما.
فأخذ رسول الله ﷺ عليا، فضمه إليه، وأخذ العباس جعفرا فضمه إليه، فلم يزل علي مع رسول الله ﷺ حتى بعثه الله ﵎ نبيا، فاتبعه علي ﵁، وآمن به وصدَّقه، ولم يزل جعفر عند العباس حتى أسلم واستغنى عنه» (^١).
ولهذه المكانة لعلي في بيت النبوة: كان أول من أسلم من الصبيان، واختُلف في أول من أسلم من
_________
(^١) سيرة ابن هشام (١/ ٢٤٦) وإسناده صحيح إلى مجاهد.
1 / 27