Dari Naql ke Ibdac (Jilid Kedua - Transformasi): (1)
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (١)
Genre-genre
167
ولغة الكلام لغة جدلية؛ لأن علم الكلام علم جدلي، والجدل نافع بين المتكلمين الذين يسميهم ابن سينا الخطباء والمشاغبين وخلافهم حول رؤية الله وخلق القرآن. الكلام جدل، والفلسفة برهان. الكلام تعدد وجهات نظر طبقا للأهواء، والفلسفة رؤية واحدة طبقا للعقل. لقد وقع المتكلمون ضحية اللفظ المشترك مثل يرى، خلق. فهل يعني الخلق المسموع أو المعنى الأبدي؟ وهل تعني الرؤية بالبصر أم بالفؤاد؟ وهكذا تنشأ المشاغبة بين المتكلمين لعدم تحديد الألفاظ. نقد الكلام إذن مستمر في علوم الحكمة. وبلغ الذروة في «الكشف عن مناهج الأدلة» لابن رشد كموضوع مستقل وليس من ثنايا العرض أو التأليف كما هو الحال عند الكندي وابن سينا.
168
ومع ذلك تظهر أهمية الجدل في الأمور الاعتقادية التي يأتي منها نفع مثل إثبات الصانع وإثبات النبوة وإثبات المعاد. ويضرب ابن سينا المثل بالعقوبة الدينية جزاء إنكار عبادة الله أو بر الوالدين أو الرحمة للمقابلة بالفعل لا بالقول كأحد وسائل الجدل. ويمكن الدفاع عن العدل الإلهي بالجدل مثل القول بأن الله يظلم والرد على ذلك بشرح أسماء الله تعالى وحد الظلم؛ فالله هو الموجود المبرئ من الانفعال. والظلم هو الإضرار؛ ومن ثم لا يجوز على الله، وبالتالي تبطل دعوى أن الله يظلم، ومن يقولها تنقصه المبالاة والتقوى، فهو قول كلامي مرده إلى أخلاق القائل.
169
وقد يحسن قتل القريب الذي كفر بالله ولكنه لا يحسن على الإطلاق. وهنا ينتقل ابن سينا من الأشعرية إلى الاعتزال، من الحسن والقبح الشرعيين إلى الحسن والقبح العقليين. والأفضل والأنقص يشاركان في جنس الفضيلة زيادة في الأول ونقصا في الثاني. أما الفضيلة نفسها كنوع فهي الهيئة؛ لأنها باقية مثل الحكمة أو لأنها نافعة في الأمر المطلوب لذاته وليس الأفضل حتى لا يحدث دور وذلك مثل النافع في الآخرة والمعاد، وهما مطلوبان لذاتهما. هنا يربط ابن سينا بين الدين والأخلاق من خلال الجدل؛ فالجدل الكلامي ليس مجرد مماحكات لفظية بل بواعث أخلاقية على السلوك الأفضل. واختيار الأفضل هو اختيار العقل والشريعة والفضيلة. وهنا يزيد ابن سينا على المعتزلة ليس فقط اتفاق العقل والنقل ولكن أيضا اتفاق العقل والنقل والفضل أي اتفاق الحكمة والشريعة والفضيلة، الفلسفة والدين والأخلاق. والمشهور أن وجود الأفضل أولى من وجود غيره، ووجود الإلهي أولى من وجود الإنساني. فيضيف ابن سينا على العقل والنقل والفضل الموجود بمنطق الأولى كما هو الحال عند الأصوليين. فإذا اتحد العقل والنقل والفضل فإنه يكون أولى بالوجود من غيره وكان ابن سينا يقيم دليلا على وجود الله من خلال منطق الجدل. ثم يبلغ الجدل ذروته بتوهم أن الله يجعل الشيء الميت غير ميت ويمنع الموت عنه. أصبح هذا التوهم موجودا ومقبولا، بل لا تمنعه فطرة العقل. إنما تمنعه فقط حجة جدلية أنه إذا لم يمت المائت فإن حياته تصبح أبدية، وهذا خلق لأن الله هو الواحد الباقي، الحي الذي لا يموت.
170
وقد أخذ التواتر حيزا رئيسيا في منطق «الشفاء» كمادة للبرهان ضرورية ظاهرية مثل الحس والتجربة في مقابل المادة الظنية وفي مقابل الضرورة الباطنية وهي ضرورة العقل أو قوة أخرى خارج العقل. فمن شروط التواتر الاتفاق مع الحس والعقل ومجرى العادات، وليس فقط تعدد الرواة واستقالتهم وعددهم الكافي وتجانس انتشارها في الزمان بدرجة واحدة. الشرط الأول يتعلق بالمتن في حين أن الشروط الثلاثة التالية تخص السند. والتواتر أحد مصطلحات علم الحديث. دخل علم أصول الفقه في باب الأخبار وليس من أرسطو. ليست الفلسفة إذن تطويرا لعلم الكلام فحسب، بل أيضا تستمد مادتها الداخلية من العلوم النقلية مثل القرآن والحديث والفقه. ويدخل التواتر ضمن نظرية عامة في التصديق لتوسيع نظرية أرسطو بضم مادة جديدة لها من الموروث بحيث تكتمل نظرية التصديق بعد ضم الموروث إلى الوافد فيصبح التواتر جزءا من البرهان الضروري الظاهري المعتمد على الحس والتجربة مثل نظرية العلم في أصول الدين.
171
كما تدخل المتواترات كمادة للأقيسة في منطق «النجاة» مع المخيلات، والمحسوسات، والمجريات والأوليات، والمقدمات الفطرية، والقياسات، والوهميات، والمشهورات المطلقة، والمشهورات المحدودة، والمسلمات، والمشبهات، والمقبولات، والمشهورات في بادئ الرأي غير المتعقب، والمظنونات. ويعتمد البرهان على الأوليات والتجريبيات والمتواترات والمحسوسات أي بداهات الحس والعقل والتواتر. أما الذائعات والمقبولات والمظنونات فلا تعطي إلا الظن. لا يتعلق اليقين والظن إذن بصورة الفكر وحدها، بل بمادة الفكر أيضا. المتواترات موضوعات حسية غير مشاهدة دون أن تكون غيبية مما يتفق مع أحد شروط التواتر الأربعة عند الأصوليين وهو الاتفاق مع الحس، وهي مادة مشابهة لنظرية العلم في أصول الدين. وتعني المتواترات المعرفة التاريخية العامة التي يستحيل معها التواطؤ على الكذب مثل وجود البلدان والأمصار خارج نطاق المشاهدة وليس بالضرورة الوحي. بل إن الأمور الشرعية قد تدخل في المقبولات. وهي آراء وقع التصديق بها للثقة بصدق الراوي أو لأمر سماوي أو لرأي وفكر قوي مثل قبول ما نقل عن أئمة الشرائع. فالتصديق إما للثقة بالراوي أو بالنبي أو بالفيلسوف، صدق الراوي ووحي النبي وحكمة الفيلسوف.
Halaman tidak diketahui